فيصل الصوفي
شكَّل نهوض حركة حماس في غزة، نكبةً للفصائل الفلسطينية المختلفة، وفي مقدمتها حركة فتح التي ذبحت كتائب القسام رجالها، ورمت بهم من فوق العمارات، ومن تبقى منهم كان مصيره السجن، أو الهرب. اليوم، حركة حماس تدعم الجماعة الإرهابية الأم في مصر، وفروعها في رفح والعريش، بل وفي العمق المصري، حيث كشفت السلطات المصرية، مشاركة حمساويين في بعض العمليات الإرهابية، إلى جانب التنسيق مع الجماعة الإرهابية الأم، وفروعها، لنقل مصريين في هذه الجماعات إلى قطاع غزة لتلقي التدريبات العسكرية في معسكرات كتائب القسام، وكيفية صناعة المتفجرات، واستخدام مختلف الأسلحة، كالمتفجرات، وصواريخ القسام، وطائرات الخفاش الطائر، التي كانت تستخدم ضد إسرائيل، واليوم ضد مصر. امتلكت حركة حماس- من خلال التعامل المتبادل بينها وبين إسرائيل- خبرة طويلة في استخدام العنف، ولكن هذا العنف لم يعد موجهاً نحو الاحتلال الإسرائيلي، بل نحو الفلسطينيين، وتنقل هذه الخبرة إلى إخوان عرب، وهذا ما توقَّعه كاتب فلسطيني، في كتاب نشر عام 1988، وقرأته في العام نفسه، ولم أعد أتذكر اسم الفلسطيني، لكن أتذكر أن لقبه البرغوثي. ومما قرأته في الكتاب، أن نشاط حركة الإخوان المسلمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كان موجهاً ضد المنظمات الفلسطينية اليسارية والقومية، لذلك قامت إسرائيل بتشجيع حركة الإخوان، كونها قوة مضادة لتلك المنظمات، ولأن الحركة تقول إن الجهاد ضد إسرائيل لا يكون إلا بعد قيام الخلافة الإسلامية خارج فلسطين، ومن يعيش تحت الاحتلال لا يجب عليه جهاد، وقالوا إن إسرائيل تحترم حقوق المسلمين، ولا تتدخَّل في دينهم، وتحترم دُور العبادة، وسمحت لدول نفطية بإنشاء مساجد، ومراكز وجامعة إسلامية.. لذلك وقفت حركة الإخوان المسلمين من إسرائيل موقف المسالم، لكنها كانت في حالة حرب مع المنظمات اليسارية والقومية، إذ قامت الحركة بأعمال عنف ضد تلك المنظمات، واحتلال جامعاتها لتحريرها من "الكفار، المنافقين"! ومما قرأته للبرغوثي أيضاً، أن المنظمات الفلسطينية اليسارية والقومية، بطلة ما يعرف بانتفاضة الحجارة عام 1987، كانت قوية جداً، وكانت حركة الإخوان خارج الانتفاضة، ولما شعرت أن تلك المنظمات تزداد شعبية وقوة، وأن تخلُّفها عن الانتفاضة يعرضها للنقد، عندها فقط، قامت حركة الإخوان بتأسيس حركة حماس، وبدعم من بعض الدول التي لديها حساسية تجاه القومية واليسار، ومع ذلك كانت حركة حماس في انتفاضة الحجارة ضد قوى الانتفاضة، وهكذا هم الإخوان.