اليمن اليوم

قيل أن دولة عربية تتهيأ لإنشاء حديقة عامة ذات طابع أممي تكون بديلاً لـ(الهايد بارك) في لندن وتتمتع بذات الحصانة والقدسية السياسية بحيث يستطيع المرء فيها أن يشتم أي نظام سياسي عدا النظام هذا القطر بالطبع. تحضرني هذه الحكاية ذات الصلة بالزهور والحدائق وأشياء أخرى كلما عبرت بذهني قصة الحدائق العامة في بلادنا وما لحق بها من مخاطر وأشكال استهداف قل أن يجد المرء لها نظيراً في غير بلاد السعيدة.. ويلحق الأذى بهذه الأماكن التي تحظى بعناية العالم ؛ كلما عنى لنا ربطها بأحداث كبار كأن نطلق عليها حديقة الشعب.. أو الوطن.. أو الثورة أو نحو ذلك من الأسماء التي لا تعني لنا شيئاً غير الاسم وكشاهد ليس أكثر نجد أن حديقة الثورة في شارع المطار باتت عرضة للتسيب وأعمال الحفر حتى أصبحت مجرد حفر وأخاديد.. وحين أريد لها بديلاً وفكر بعض صناع القرار بجعل مساحة أخرى نداً لها طرحت حديقة أخرى شاء لها القدر أن تخلد أحد أبغض أعمال الحرام حراماً فأطلق عليها اسم حديقة 21 مارس في محاولة لتمجيد قائد الخوارج الجدد، ولتذهب الأمهات إلى الجحيم مع عيدهن الذي يصادف هذا التاريخ، ثم حدث بعد ذلك ما نعرفه جميعاً وأصبح هذا التاريخ محل سخرية واستنكار الآباء والأمهات معاً. وتغيرت الموازين وأحدث الله للأمة مولوداً صالحاً عقب مخاض قصير أطيح فيه بالخوارج والبرامكة وحتى أصحاب الفيل، ثم عهد للثورة الجديدة برعاية الحديقة المنكوبة وأصبحت حديقة 21 سبتمبر محط دعوات وصلوات الأطفال والكبار، غير أن قادة الثورة الشعبية وجدوا أنفسهم في وضع لا يحسده عليهم أحداً وباتت مشاغلهم وهمومهم أوسع من الاهتمام برعاية حديقة أو بستان مهما كان اسمه وصفته، وعاد الأطفال والحالمون بالزهور إلى ابتهالاتهم السابقة بظهور حديقة ومتنفس.. لكنما غيرهم وجدوا في ذلك موضع تلويح ومادة للمزايدة. الأمر الذي يجعل المعنيين بهذا الأمر مطالبين بعدم نسيانه مهما كانت حجم مسئولياتهم.