اليمن اليوم

في كتابه "التنمية حرية" تناول رئيس البنك الدولي الأسبق "إماراتيا صن" مجاعات كثيرة في تاريخ العالم، مؤكدا أن معظم تلك المجاعات، لم تحدث بسبب نقص المواد الغذائية، بل بسبب سوء إدارة الموارد من قبل أنظمة فاسدة مستبدة رديئة.. خلال ذلك أشار الرجل إلى أن أكبر مجاعة حدثت في التاريخ هي تلك التي حدثت في اليمن الشمالي عام 1940م، وحصدت 30% من السكان.! يعني هذا أن حوالي مليوني نسمة، ماتوا جوعاً من ما مجموعه ستة ملايين نسمة هم حينها كل سكان اليمن الشمالي المستقل في ظل دولة الإمام "يحيى حميد الدين". في وثائقه عن الثورة اليمنية، يروي الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني عن أبيه يحيى الإرياني، أنه اقترح حينها على الإمام يحيى أن يأمر الأفران التي تمون الجيش أن تضاعف إنتاجها من "الكدم"، ليتم توزيعها على الجائعين من الشعب، لكن الإمام يحيى وقع على عريضة المقترح، بإيجاز: "كما تعلمون..لا يكفي الخلق إلا الخالق".! كان الإمام يحيى - كما قيل- فقيها مجتهدا، لكن، ومهما قيل عن تقشفه، فقد حدثت في عهده مجاعة هي الأكبر في التاريخ، وحدثت بلا سبب وجيه سوى غبائه وسوء إدارته، خاصة وأنه حينها كان قد فرغ من حروبه الخارجية باتفاقيات مجحفة، كما فرغ داخليا من حروب تأسيس دولته، ويعيش في استقرار داخلي وخارجي نسبي يُحسد عليه.! اليوم.. تاريخ المجاعة يعيد نفسه مجددا في اليمن، وبسخرية وابتذال هذه المرة، فحسب تحذيرات الأمم المتحدة- اليمن مهددة بأكبر مجاعة بالتاريخ، بما يتعلق بحياة 35% من السكان، ويجعل 10.000.000 يمني على محك الفناء.! لا أحد يتمنى حدوث هذه الكارثة التاريخية المريعة، لكن لا أحد يعمل من أجل تلافيها، وفيما لو حدثت، ستحدث لأسباب معروفة تتعلق -لكن ليس كلها- بالحصار والعدوان الأجنبي. أيا كان الأمر، سيقرأ أحفادنا باحتقار عن الرئيس هادي والإخوان والحوثيين والمؤتمر.. وعن تحطيم اليمنيين للرقم القياسي الأسود مجددا، بالموت جوعا، أو ما يدلعه العرب تقليديا، وبلا وجاهة، بصفة "الموت الأبيض"!.

تعليقات القراء

الاسم:

عنوان التعليق:

نص التعليق:

حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحالـة في التعليقات