اليمن اليوم

الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يستلم راتبه لأنه يقلق مرتين كل يوم، لذلك دائما نقرأ "أعرب عن قلقه" وكذلك أمين عام جامعة الدول العربية. أول أمس قلق بان كي مون ثلاث مرات خارج العادة، والسبب أن أمين عام جامعة الدول العربية أرسل له رسالة قوية يوم الأربعاء أنه يعرب هو أيضا عن قلقه لما تقوم به القوات الإسرائيلية من هجوم وحشي على الحرم القدسي. طبعاً لم يفكر أمين عام جامعة الدول العربية ولا يوم منذ 6 أشهر أن يرسل رسالة يعرب عن قلقه أو رفضه للدمار والحرب في اليمن كمبدأ أو حتى من باب العتاب للأطراف اليمنية المتسببة بالكارثة. لم يفكر أن 8 أطفال يُقتلون أو يشوهون يومياً في اليمن منذ بداية الحرب. لم يفكر أن 8 ملايين طفل دون سن الـ18 أصبحوا بحاجة مُلحة للمساعدات الإنسانية في اليمن. لم يفكر ويعرب عن قلقه أن 15 مليونا و200 ألف شخص في اليمن غير قادرين على الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، بعد إغلاق 900 مرفق صحي منذ بداية الحرب. لم يفكر ولم يقلق أن 8.1 مليون طفل لم يذهبوا إلى المدارس منذ 6 أشهر و20 مليون يمني حرموا من الماء النقي. احتمال أنه وصله خبر أن الحرب في اليمن عبارة عن تفاعلات جماهيرية ثقافية تقوي أواصر المحبة بين اليمنيين أنفسهم والعرب في بلد لم يكن إلا مع قضايا أمته. اليوم أحب أن أقول له كم كلفت الوحشية الإسرائيلية الفلسطينيين احتمال تنعدل المفاهيم. رغم الحصار والاحتلال، الأطفال الفلسطينيون يذهبون إلى المدارس دون انقطاع. الشعب الفلسطيني برغم الاحتلال لديهم البترول والكهرباء والغاز والماء دون أن انقطاع أيضا، يعني، يعيشون حياة فنادق خمسة نجوم مقارنة باليمن. وإن تحدثنا عن الموت كمقياس له للقلق فمنذ قيام إسرائيل كدولة عام 1948 إلى اليوم عدد الشهداء الفلسطينيين، الذين لقوا مصرعهم جراء الاعتداءات وأيضا الحروب لا يزيد عن 11600 شهيد، حتى وإن حاولنا مضاعفة العدد حسب التركيز على أهم الفترات الدموية كركيزة أخرى للتقييم واعتمدنا أن مثلاً في عام 1948 استشهد ما يقارب 16000 فلسطيني- وهذا عدد كبير غير علمي- وفي انتفاضة الأقصى استشهد 5000 وفي صبرا وشاتيلا استشهد ما يقارب 3500 فلسطيني، وفي حرب غزة عام 2008 قارب عدد الشهداء 1200 وغير ذلك. يكون في جميع الحالات سقط من إخواننا الفلسطينيين من 1929 إلى اليوم في الصراع مع إسرائيل "الوحشية" ما بين 30 ألفا إلى 50 ألف شهيد، أي نصف ما سقط من اليمنيين في الحرب، التي يساعدنا فيها الإخوان العرب، مع فارق أن أهلنا في اليمن ماتوا خلال 5 أشهر فقط وليس في 66 أو حتى 86 سنة. الآن يمكن لأمين عام جامعة الدول العربية أن يرسل رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يعرب له وبشدة عن قلقه لما يحدث في اليمن، لكن يبتعد عن ذكر السبب والأسباب والنتائج في الكارثة اليمنية، حتى يتجنب الإحراج والاتهام!!!!! *من حائطه