عبد المجيد التركي

ها هو رمضان قد اقترب.. وما زالت الكهرباء تتلقَّى الضربة إثر الضربة، وما زالت الدولة تحارب المواطن في قوت أطفاله، وتخترع له كلَّ يوم أزمة، بترول، غاز، ديزل.. وما زال باسندوة متقوقعاً على ذاته، يتفرَّج على ما يحدث كما لو أنه يشاهد فيلماً سينمائياً بدون ترجمة، وسينتهي الفيلم دون أن يفهمه.

سيأتي رمضان، والمواطن يحلم ببصيص أمل يستضيء به في ظلِّ التخبُّط الذي تعيشه الحكومة، وعجزها عن القيام بأيِّ شيء يؤكد للمواطن أن هناك حكومة ترعاه وتسهر على راحته.

تفجيرات، وقتلى هنا وهناك، وكأن من يموت لا ينتمي إلى هذا الوطن الذي يصمت إزاء كلِّ هذا الدم، وحكومتنا تعلم أن هناك حكومات تهتمُّ بمواطنيها كما تهتمُّ بأبنائها، لأنهم فعلاً أبناؤها، وتقلق عليهم إن كانوا في دول أخرى أوضاعها الأمنية غير مستقرة، وتستدعيهم للعودة خشية أن يصيبهم شيء.. لكن حكومتنا لا تهتم بهذه الأشياء التي هي أشبه بالسفاسف في نظرها.

سيأتي رمضان والمواطن يحتضر اقتصادياً، ويفتقد للأمن، ويلعن حظَّه وثورته التي حلم بأن تفتح له نافذة صغيرة إلى الجنة ففتحت له باباً كبيراً إلى الجحيم..

لم يتغير شيء، ولم نحقق شيئاً سوى الكثير من الإخفاقات والانتكاسات، مادياً ونفسياً واجتماعياً، والكثير من الديون.. فبأيِّ وجه يستقبل رمضان من هذه سمة حياته، وبأيَّة فرحة نستقبله وكلُّ إنجازاتنا مؤجلة إلى أجلٍ غير مسمَّى!!

حين يرى الإنسان أن العام يمرُّ ولا يحقق شيئاً سوى الإخفاقات، فحريٌّ به أن يتوازن وأن يحاول ألَّا ينتكس أكثر.. لكن المواطن اليمني ينقصه الكثير من الوعي بأسلوب حياته والطريقة الصحيحة التي يجب أن يسيِّر هذه الحياة وفقاً لها، لكي يشعر بلذة الحياة وقيمتها..

وسيعود رمضان في العام القادم ونحن نبحث عن قشَّة في وطن مليء بالغرقى.