اليمن اليوم

عندما بدأ بعض الإرهابيين الأوروبيين يعودون من سوريا إلى بلدانهم، وقام اثنان منهم بتنفيذ هجمات إرهابية فيها، هنا فقط تنبهت حكومات أوروبية إلى الخطر، وبدأت تتخذ تدابير لحماية مواطنيها ومصالحها من هذا الخطر الواقع بلا محالة، اليوم وغدا.. سمحت لمنظمات خيرية ودينية ورجال دين متطرفين بتجنيد أكثر من ألفي إرهابي، وإرسالهم إلى سوريا لينخرطوا في صفوف جبهتي النُصرة، وداعش، وغيرهما من المنظمات الإرهابية، يقتلون وينتزعون القلوب والأكباد ويشربون الدماء، ويدمرون بلد الكرامة والعلم والسياحة والزراعة والصناعة، وعندما وجدت أوروبا أن بعض العائدين إليها نفذوا هجمات إرهابية فيها، شرعت في اتخاذ إجراءات من قبيل منع إرهابيين جدد من التوجه إلى سوريا، وإغلاق بعض الجمعيات و المواقع الإلكترونية للإرهابيين، و تتبع نشاط العائدين منهم، والتهديد بتجريدهم من الجنسيات الأوروبية التي اكتسبوها، ولكن هذه التدابير لن تكون فعالة؛ فالإرهابيون مثل الزئبق، وسوف تشهد أوروبا هجمات إرهابية في المستقبل القريب، أبطالها إرهابيون سمحت بتجنيدهم وإرسالهم إلى الشام، والأمر نفسه سيحدث في بلدان أخرى، العربية أولها، بل إن ذلك قد حدث، وما يحدث في اليمن أكبر شاهد.
الإرهاب لن يدوم، والإرهابيون لن يحكموا في أي بلد، ولكن خطرهم سوف يستمر فترة طويلة، وسيشهد العالم عاصفة إرهابية بعد دحر الإرهابيين من سوريا، فالعائدون من هناك لن يقبلوا بالبقاء في حالة عطالة، و سيجدون ما يفعلون في بلدانهم.. الإرهابيون البريطانيون الذين ذهبوا إلى سوريا عددهم 500، حسب بعض التقديرات، لم يقتل منهم سوى 20، وعاد إلى البلاد 50 إرهابيا، والبقية في الطريق، فكم سيعود إلى فرنسا، والسعودية، واليمن، وغيرها من البلدان؟ لقد أصبحت سوريا أكبر خزان للإرهابيين المتمرسين، وهذا الخزان يتقيأهم الآن، وقريبا ستكون هناك مشكلة عالمية.. على غرار مشكلة «الأفغان العرب»..
حسب تقديرات معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، توجه إلى أفغانستان نحو 5000 إرهابي، خلال فترة طويلة مدتها 13 سنة، و توجه نحو 4000 إرهابي إلى العراق خلال خمس سنوات، بينما بلغ عددهم في سوريا أكثر من 9 آلاف إرهابي خلال عامين فقط، جاءوا إليها من 80 دولة، وحسب مركز دراسة التطرف في لندن وصل عددهم إلى أكثر من 11 ألفاً، يشكل العرب والأوروبيون 80 في المائة من هذا العدد، وهذه الدول التي سمحت بذلك، وشجعتهم على تدمير سوريا، لا ينبغي لها أن تلوم سوريا عندما يشتد عليها الخطر، وتقع الواقعة.