ليس أفضل من القرار المفيد عندما يأتي في الزمن المفيد والمكان المفيد.. مع ذلك فإن قرار الرئيس هادي بتعيين محافظ لعمران وآخر لإب جاء في سياق المثل البولندي الذي رأى في المجيء المتأخر خير من عدم المجيء..!
لست في وارد الإدعاء بأن محافظ إب الحجري كان فارس الزمان ولا أن محافظ عمران دماج لم يكن عبقري المكان..لكن من المهم إطلاق الاعتقاد بأن ما حدث لمحافظ إب من قبل مجاميع تم حشدهم ضده إنما جاء رد فعل على ما حدث لمحافظ عمران في سياق لعبة سياسية مفادها : من يعبّر ولو عن رضاه عن عض يدي هنا سأرسل له من يعض يده هناك بصرف النظر عن الظروف الموضوعية.
ولو كانت أمور الإحلال والإبدال طبيعية لشاهدنا الرئيس هادي يقيل المحافظ الحجري ويطيح برئيس الحكومة باسندوة معاً.. وفي نفس الوقت لا يسمح لبقاء محافظ عمران في مكانه كل هذا الوقت بما رافق ذلك من مواجهات دامية بين طرفين سياسيين لبس أحدهما خوذات الجيش خارج القناعة الكاملة لصانع القرار وإن كان في تدخل الطائرة مؤخراً إشارة إلى نصف موافقة ونصف ممانعة..!!
وفي ما شهدته محافظة عمران كان يجب استدعاء القرار المفيد في وقته .. وليس بالضرورة محمد حسن دماج بمحمد صالح شملان وإنما التغيير ولو من نفس اللون الحزبي مادام والشخصية المختارة ستحوز على رضى أبناء عمران وفي المقدمة أعضاء السلطة المحلية الذين حددوا موقفاً ما كان يجوز تجاهله مادمنا خارجين من مؤتمر الحوار طالما أكدّ على خيار الأقاليم ونعمة الإدارة الذاتية وديمقراطية اتخاذ القرار..
وتنسحب هذه القناعة الإيجابية على الموقف من القشيبي ومن اللواء 310 نفسه .. لأن الدماء التي سالت والجثث التي سقطت في عمران هي دماء وأرواح يمنيين كان يجب على العقل اليمني أن يحافظ عليها بصرف النظر عن الألوان الحزبية أو المسحة المذهبية التي تجد من يغذيها بخبث المسكونين بكيد السياسة وشرارة الأحقاد الطائفية.
لقد كان من المواقف الجيدة التأكيد على حيادية الجيش في أي مواجهات ذات طابع حزبي وسياسي لكن كان الأجود استعجال حضور الإرادة الحاسمة التي تتدخل بوضوح فتحمي أرواح اليمنيين من الإزهاق وتحفظ للدولة هيبتها في كل موقف خطير يصل حد الفرجة على هروب سجناء .
ما يحيّر المراقبين حتى الآن هي استفهاميات من نوع ماذا قال مجلس محلي عمران عندما التقى رئيس الجمهورية وماذا قال لهم، وهل احتاج الأمر إلى إهدار كل هذا القدر من دماء في أغلى من الأسماء والأحزاب والكراسي وأي أهمية أو دور لوزارة مثل الإدارة المحلية ؟ ثم وهو الأهم ما الذي يمنع الإرادة السياسية من وصف العلاج المناسب في الوقت المناسب ؟
ما أكثر الأسئلة وهلامية بعض إجاباتها.