اليمن اليوم

3- أكلة النار يشير القرآن الكريم إلى حالتين من التعامل مع الكتاب الذي أنزل الله على رسله، ومنها القرآن الكريم، إحداهما كتمان ما أنزل الله من البينات والهدى من بعدما بينها للناس في الكتاب، والأخرى كتمان الكتاب المنزل من عند الله للمتاجرة بهذا الكتمان. يأتي هذا البيان في سياق الإشارة الى أن الله أخذ من الذين أوتوا الكتاب ميثاقاً لتبيينه للناس وتجنب كتمانه، والذين أوتوا الكتاب هم كما نعرف قوم موسى وقوم عيسى وقوم محمد صلى الله عليه وجميع المرسلين وآلهم وسلم تسليما كثيرا، ويشير القرآن الى أن هؤلاء نبذوا ميثاق الله وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً، فكتموا ولم يبينوا، وعن هذا جاء قوله تعالى "وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون" آل عمران، 187 ويعالج القرآن الكريم حالة كتمان البينات والهدى التي بينها الله للناس في الكتاب، بالإشارة إلى قبح عمل هؤلاء الذين لهم سلطة البيان، بما انزل الله، وهذا يعني كتم هذه البينات عن وسائل البيان بها قولاً وفعلاً، بوسائل منها احتكار المعرفة بالكتاب وإقامة حاجز بينه وبين الناس، أو صد الناس عن هذه البينات أو ابتغاء العوج في بيانها، بوسائل مباشرة أو غير مباشرة، ومنها ما هو سائد في أيامنا هذه من مزاعم القول بالوساطة بين الناس وكتاب الله، وعن هؤلاء جاء قوله تعالى "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعدما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون* والذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم" البقرة : 159-160. أما حالة كتمان الكتاب المنزل بدافع المتاجرة بهذا الكتمان فهذه حالة من يصفهم القرآن الكريم بأنهم أكلة النار الموعودين بالعذاب الأليم المحرومين يوم القيامة من كلام الله وتزكيته، لأنهم اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة، وكتمان الكتاب نتحقق إذا استبدل الكتاب بغيره أو حيل بينه وبين الناس بشروح رجال الدين في سبيل جاه أو مال من الطغاة المستكبرين، و عن هؤلاء جاء قوله تعالى "إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار" البقرة: 174-175. وإذا كان من هؤلاء أولئك الذين كتموا البشارة بخاتم النبيين في التوراة والإنجيل، فإن من بينهم أيضاً أولئك الذين كتموا البينات والهدى في أمر الشورى والعدل والإحسان من بعدما بينها الله للناس في القرآن الكريم.