اليمن اليوم

يسمونها العاصمة الثقافية، وهي في الباطن عاصمة الاقتصاد اليمني، حيث يوجد فيها العديد من البيوت التجارية، وجميعها تحمل شعار النشاط التجاري في خدمة المجتمع، لكن لا شيء يقول إنهم كذلك بالفعل غير أصوات المآذن وشيء من هبات الدفع لنيل رضى أصحاب البنادق. وسيكون الأمر مزعجا للغاية حينما نعرف أنه يوجد في تعز بيت هائل سعيد وبيت الشيباني وبيت توفيق عبدالرحيم وبيت العيساوي وشاهر عبدالحق وعبدالجليل ردمان وإخوان ثابت، ولا يوجد فيها غير مسبح واحد، وقلك ليش يتسرب شباب هذه المحافظة إلى حيث التشدد والبنادق وممارسات أذية الفراغ. في كل بيت من بيوت تلك الإمبراطوريات هناك المسابح والحدائق ودهاليز ممارسة الرياضة كملكيات خاصة، وللناس الظمأ والضنك وخيبة الآمال، وقلك ليش تذهب تعز إلى مران. تعز حيث المصانع روضت طاهش الحوبان، وحيث البيوتات التجارية تتسلق كالرباح تباب المدينة وهضابها ولا يوجد فيها غير "ملعب رياضي واحد" تركه الإمام أحمد للناس، في حين لم يترك أباطرة الثورة مساحة أرض إلا ونبعوا إليها وأحالوها إلى ملكيات خاصة تاركين للناس الفقر والبرطعة من باب إلى باب، وقلك ليش تعز تغيرت وأصبحت معقلا وفيرا لكل الجماعات الباحثة عن أقرب الطرق إلى الجنة . تعز أحمد بن علوان وهاشم علي وأيوب طارش وعبدالعزيز القاضي، وسينما المنتزه وبلقيس وسبأ و23 يوليو، لم تعد كذلك وأصبحت الآن مجرد مدينة تعيش على إرث الماضي وتتنفس أدخنة مصانع لم تأخذ بيدها إلى الحياة، بل أحالتها –بكل ما فيها من ثقافة وفنون وبشر وطاقات– إلى محافظة كل من فيها يعيش على غريزة لقاط "الزلط" وتنزل المحافظة بإرثها كله ملح . هناك لؤم مفرط تجاه هذه المدينة المفتوحة لكل القادمين إليها، وهناك رأس مال تعلم من الحياة "المزقاوة" و"المرفالة" فقط ولم يتعلم حتى اللحظة كيف يجعل من يديه أدوات لصناعة المجد.