اليمن اليوم

ماذا لو كانت هناك دولة قوية، واستعادت بطريقة أو بأخرى، أملاكها، التي أصبحت أملاكاً خاصة لآل الأحمر والزنداني والجنرال علي محسن، وأصبحت مؤخراً، بشكلٍ ما، تحت السيطرة الحوثية، في الضاحية الشمالية للعاصمة صنعاء، وقررت التالي؟!: -تأميم "جامعة الإيمان"، وتسميتها "جامعة العلوم الإنسانية والفنون الجميلة "، وتخصيصها للدراسات المقارنة، وحوار الأديان والثقافات، وتخصيص كلية للفنون الجميلة، بما فيها الحفاظ على التراث اليمني والعربي في التلحين العزف والغناء والرقص.. -تأميم تبّة "صادق الأحمر"، وتسميتها "تل الحرية"، وجعلها منطقة سياحية حرة، للاستثمار السياحي، ولقاءات العشاق، وتناول المشروبات الروحية... -تأميم مقر الفرقة الأولى مدرع، وتنفيذ القرار الرئاسي بشأنها، وتسميتها "حديقة المستقبل"، تضم حديقة للأطفال، ومنتجعا للعائلات ومتنفسا للمدينة.. على الأرجح سيحدث التالي: -سيتفق الإخوان والحوثيون على رفض هذه المشاريع.. والحيلولة دون قيام هذه البنى التحية للمجتمع المدني. -في سابقة من نوعها، ستتفق هيئة علماء اليمن والمرجعيات الحوثية على اعتبار الدولة كافرة يجب الخروج عليها بالإجماع. -ستتوقف حرب المليشيات بين الإخوان والحوثيين، بل وربما لأول مرة، ستتوحد ميليشياتهم، لمحاربة الدولة "الكافرة".. وفي كل حال ستفضل أيٌ من جماعتي الإسلام السياسي المسلح، أن تكون هذه المناطق في يد خصومهم من أن تكون تحت سيطرة دولة مركزية قوية، ومجتمع مدني عميق.. وبهذا الشكل الحضاري. الصراع بين الجماعتين المسلحتين صراع مصالح، والعلاقة بينهما علاقة ترادف، أما علاقة كلٍ منهما بالدولة والمجتمع المدني فعلاقة تناقض وتضاد.. الجماعات الدينية المسلحة توجد وتتمدد دائماً على حساب الدولة والمجتمع المدني، كما أن الدولة والمجتمع المدني يوجدان ويتمددان بالضرورة على حساب الجماعات الدينية المسلحة. الدولة المؤسسية القوية ضمانة قوية للقضاء على أسباب النزاعات وصراع المصالح، والمجتمع المدني العميق ضمانة عفوية أقوى لتجفيف منابع التطرف والإرهاب، وتلاشيه في ضوء الحريات الفردية والعامة.