اليمن اليوم

شبح الاحتراب الأهلي الذي يُخيم على البلاد لا يستثني أحداً، وإن اندلعت ناره فستشمل من يروجوا له، ومن يلونوه طائفياً، ويصنعوا قصور حداثتهم وتقدميتهم من جماجم الأبرياء مُحرضي الناس للاحتشاد طائفياً، مع كل (منشور) ومقال يتحدثوا به عن الطائفية، رغم أن أزمة البلد الاقتصادية والسياسية واضحة، والتنوع المذهبي لم يكن مشكلة، وإذ تُثار النعرات الطائفية فلكي تغلف الأزمة الحقيقية، ويتجه الناس بعيداً عن تطلعاتهم في التغير. تعز، التي لم تشهد مواجهة عسكرية كما في عمران والجوف وحاشد، وغيرها، إلا أن فيها احتقانات أشد من تلك المناطق، وفي مسرح الوعي الجمعي المفخخ بالطائفية والمناطقية بحملة أيديولوجية منظمة يتصدرها خُطباء التكفير، ونخبة المثقفين الذين يدورون في فلك أيديولوجية السُّلطة من اليمين ومن يسار البرجوازية الصغيرة، وتتجلى هذه التعبئة الرجعية في الكتابات الطائفية والتي تدعو بـ"الموت للحوثيين"، و"تعز سُنية"،وكذلك في شعار "تعز إقليم مستقل" و"قضية تعز" ....الخ ولولا حكمة (أنصار الله) لكانت الحرب اندلعت منذ عامين؛ حتى الآن يكاد يتجاوز قتلى أنصار الله الذين تم اغتيالهم في تعز العشرين قتيلاً، كل هذه المحاولات كانت لأجل جر الحرب إلى تعز، وتقرأ بزمانيتها؛ حين كان "التكفيريون" من الإصلاح والسلفيين، يُريدون التنفيس عن جبهاتهم في دماج، حاشد، وعمران، وإرباك عملية الحوار الوطني، ومؤخراً التنفيس عن جبهة الجوف، فمنذ أسبوع تم قتل صاحب بقالة يرفع شعار الصرخة وإحراقه بالديزل، ومساء الأربعاء الفائت إطلاق النار على عامر العامري صاحب بوفية العامري (بالقرب من الغرفة التجارية) لمناصرته لأنصار الله، كل هذه الأحداث تريد جر الحرب إلى تعز، ومازال أنصار الله ملتزمين بالتهدئة، يقيمون الوقفات الاحتجاجية بعد كل عملية ويرفعون القضايا للجهات الأمنية التي لم تقم بأي تحرك جاد إزاء مثل هذه القضايا حتى اليوم رغم لجان التحقيق التي شُكّلت، ولم تستطع إيقاف الفتنة، التي مازالت حتى اليوم تهيج الناس نحو الاقتتال الطائفي، ويتصل محافظ المحافظة من شُرفات لندن ويشكر أنصار الها على ضبط النفس. تعز اليوم على بُعد طلقة، وربما تكون هي نفسها زيارة الحجوري الأخيرة لتعز بقافلة من سلفييه الجهاديين. استدراك في هذه الأيام ينشط الإصلاحيون في المدارس والجامعات، للتحريض على "الحوثيين"، فنجد دكتوراً يقول لطلابه كونوا أنيقين ومرتبين وليس مثل الحوثيين، وأستاذة تُخبر تلامذتها أن الحوثيين هم من ذبحوا الجنود بحضرموت، وأنهم يريدون تغيير المناهج. انكساراتهم العسكرية تدفعهم لتعويضها بتفخيخ وعي النشء بالطائفية، وهذا المؤشر ليس جيداً، فيُفترض أن هذه الضربات القاسية والتدميرية التي يتلقاها جناحهم العسكري الديني بصنعاء، وقبله الجناح القبلي في الجوف وعمران وحاشد، يُفترض أن يهذبهم ويدفعهم نحو العمل السياسي ويقوي هذا التيار السياسي، ولكنهم كما يبدو لا يُريدون الاتعاظ، ويُصممون على المضي على سبيل إخوان مصر نحو الهاوية.