اليمن اليوم

فقط (العنزة) لا يمكنها فهم أن (الراعي) قد يكون أخطر عليها من (الذئب)، أو أنه حتى يمثل خطراً لا يقل عن الخطر الاحتمالي للذئاب! الفكرة أكثر وضوحاً، في السياق السياسي، رغم تداخل صورة الذئب بالراعي، واحتفال الثقافة السياسية العامة، بالمقارنة والمفاضلة بين الذئاب أو الرعيان. الجنرال "علي محسن الأحمر" أبرز نماذج الراعي الذئب، أو الراعي الأخطر من الذئب، في الثقافة السياسية اليمنية الراهنة. "أبو علي الحاكم" بدأ هو الآخر يتبلور على ضوء الممارسات الحوثية الأخيرة، في صنعاء، كنموذج آخر للظاهرة القديمة..! على الأقل بدأت الظاهرة بالحماية والوصاية الأجنبية على اليمن، مروراً بحماية السلطات في الشمال والجنوب للشعب من الخطر الشيوعي أو الخطر الإمبريالي. ممّن كان الاستعمار يحمي اليمن عندما أقام "محميات" في الجنوب؟! ثم فيما بعد هل كانت الأفكار الإمبريالية أو الشيوعية أخطر على اليمن بنظر السلطات من تحويلها إلى ساحة للحرب الساخنة خلال الحرب الباردة؟! ولاحقاً من يصدق حكاية أن الثورة كانت أصلاً بحاجة لحماية الجنرال، أو أن صنعاء كانت ستصبح فريسة للأشباح لولا التدخل الحوثي؟! مأساة ساخرة لا تريد أن تتوقف، خاصة وقد أطل تنظيم القاعدة، منذ فترة، (بانتحارييه وسياراته المفخخة) كمنقذ للشعب، وحامٍ للدولة، من (العدو) الحوثي! " القاعدة" شذوذ عن منطق الحياة، وإن كانت نموذجاً فجّا لهذه القاعدة التي رسخت بالتجربة والتكرار العلاقة بين مظاهر الراعي (المنقذ والحامي) من جهة، وظواهر (المصادرة والاستحواذ) من جهة أخرى، كعلاقة ارتباط شرطي، وتوارد ذهني.. كلما ذُكر أحدهما برزت في الذهن صورة الآخر. أياً كان الأمر، كل الذين ينظرون للشعب كقطيع، يسلخونه أبشع من الذئاب التي يخوفونه بها، حمى الله اليمن، دولةً وشعباً، من الرعاة والحُماة، وأنقذها من المنقذين..