اليمن اليوم

عباس غالب تابعنا خلال الأيام الماضية الحشد الإقليمي والدولي لإنزال ضربات موجعة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق وسورية، خاصة بعد أن سيطرت قوات هذا التنظيم على مناطق شاسعة وحيوية في هذين البلديين، وبحيث بدأت تشكل خطورة على أمن الجوار الجغرافي والعالم. أما وقد التقت الإرادة الدولية لمجابة خطر داعش فليس غريباً أن يلتقي وزيرا خارجية السعودية وإيران بعد قطيعة دامت عقوداً طويلة بين البلدين، كما أن الحديث عن فتح قنوات دبلوماسية بين واشنطن وطهران من جهة وبين واشنطن ودمشق من جهة أخرى لم يعد سراً وذلك في إطار تنسيق الضربات العسكرية ضد هذا التنظيم. لذلك، تبقى التساؤلات ملحة عن كيفية نجاح هذا التنظيم في السيطرة الميدانية وتوسيع بسط نفوذه ميدانياً على مناطق شاسعة من العراق وسورية وغيرهما.. وبات على خطوات معدودة من تنفيذ مخطط يهدد استقرار المنطقة ويقلق حكامها.. بمعنى آخر من أين يستمد هذا التنظيم قوته؟ وكيف تمكن من توسيع قاعدة سيطرته، فضلاً عن أهمية معرفة تلك الأسباب والبواعث التي تقف وراء تعاطف بعض الأطراف والمكونات في أكثر من قطر عربي؟ مثل هذه التساؤلات وغيرها مشروعة وطبيعية، خاصة وأنها تأتي وسط تقارير عن ارتكاب هذا التنظيم مجازر توصف بالتصفية العرقية في مناطق الأكراد.. وهي بطبيعة الحال تساؤلات مبررة بالنظر إلى قيام تحالف دولي يجمع بين ألد الأعداء وأكثرهم خصومة للإجهاز على هذا (العدو المشترك). وفي هذا الوقت الذي كنا نتمنى فيه على دول التحالف أن تلتقي ـ قبل ذلك ـ على طاولة حوار لمناقشة دوافع اتساع رقعة الإرهاب. وبالتالي توظيف هذه الإمكانات المهولة التي تذهب في تمويل هذه الحرب وغيرها إلى تمويل برامج التنمية المستدامة في هذه المناطق. ولا بأس والحال كذلك الإشارة إلى بعض الدوافع التي وقفت ـ ولا تزال ـ وراء اتساع ظواهر العنف والإرهاب التي تقودها التنظيمات المتطرفة في المنطقة، وعلى وجه الخصوص (داعش) وفي بلدين يعدان مركزاً للحضارة الإنسانية.. وأشير هنا تحديداً إلى بعض تلك النقاط: أولاً: غياب الديمقراطية واحتكار الثروة والسلطة والتمايز الطبقي والمجتمعي خاصة في الدول التي عاشت تجربة ثرية من التعايش الديني. ثانياً: الطفرة المالية التي أخطأت وذهبت في جانب كبير منها إلى إحياء ثقافة التعصب والتطرف وتغذية الكراهية وإغلاق نوافذ الحوار مع الآخر. ثالثاً: كما لا يخفى الحديث عن عوامل التباينات السياسية بين بعض دول الإقليم ومحاولة فرض قناعاتها الأيديولوجية.. وبالتالي توظيف مواردها في سباق الاستقطاب، بل واستخدم أساليب غير أخلاقية في إدارة هذا الصراع من أجل تغليب وجه نظرها وتحقيق مصالحها. *** ربما لم تكن كل تلك المبررات هي الدافع الأساس لنمو واستفحال ظاهرة الإرهاب واتساع نطاقه وخطورته فحسب، بل أن ثمة حيثيات أخرى عديدة أترك للقارئ اللبيب التفكير فيها، حيث سيكتشف تلقائياً أن هذه التنظيمات الإرهابية لم تأتِ من فراغ، كما أنها ليست نبتاً شيطانياً!