اليمن اليوم

تركيا في مؤخرة أوروبا أفضل لها ولنا من كونها في مقدمة دول الشرق الأوسط، ومع أن تركيا بعد أتاتورك غير تركيا قبله، إلا أن ذكرياتنا السيئة مع الأتراك لا تشجع على الترحيب بدور جديد لهم في المنطقة. مبدئياً، ما نزال نعاني من رواسب وتداعيات وعيهم وممارساتهم البدائية للدين والسياسة خلال فترات نفوذهم الطويلة على العالم العربي، منذ عهد المعتصم العباسي وحتى سقوط الامبراطورية العثمانية. في زمانه وصفهم الجاحظ بـ"أعراب العجم". وطوال ذلك كانوا معضلة حضارية في ذاتهم، وجناية حضارية على الشعوب التي يحكمونها، ببسط الدولة العثمانية سيطرتها على أقاليم واسعة من البلاد العربية والإسلامية. مدَّت عمر الانحطاط العربي أربعة قرون إضافية.. لقد دخلت المطابع الأولى إلى اليمن بعد أكثر من أربعة قرون من اختراع المطبعة.! الطباعة، ضمن أشياء قليلة جداً- حسب تعبير فرنسيس بيكون- (غيرت كل الأشياء، في كل أنحاء العالم)، لكن السلطات السياسية والدينية، التركية، ولأسباب ومخاوف غير مفهومة، رفضت الطباعة بشكل قاطع وصارم.. من جهته أصدر السلطان "بايزيد الثاني" ( 1447 ـ 1512م ) فرماناً سلطانياً يمنع إدخال تقنية المطابع العربية والتركية في جميع أرجاء السلطنة، ولاحقاً أصدر السلطان سليم الأول عام (1515م) مرسوماً يقضي بالإعدام على كلِّ من يمارس الطباعة..!! ومن جهتهم، وتبعاً للسلطان العثماني، عارض علماء الإسلام (وهم في وقت واحد، رجال الدين والعلم والتعليم) دخول المطابع، وأصدروا فتاوى بتكفير كلِّ من يُقدم علي الطباعة، باعتبارها رجساً لا يجوز اقترابه من النصوص المقدسة..!! الملفت أن الشعب التركي تمكَّن من تجاوز نفسه وطبعه وثقافته الهمجية ليصبح دولة علمانية محترمة في واقع ومنطق الحياة المعاصرة.. بينما لم يتمكَّن العالم العربي من تجاوز مضاعفات ورواسب الانحطاط التركي.! لقد رمتنا تركيا بطبعها المتخلف وانسلَّت إلى العالم الحديث. وكيفما كان الأمر علينا ألَّا نيأس، ونحاول كالأتراك اللحاق بركب الحضارة، دون أن نترك لهم فرصة للتعالي مجدداً، فكعربي، عندما تجد في تركيا من يتأفف منك ويشتمك بصفة "عربي" ="بدوي، قذر"، حاول إخباره أن الغرب عموماً عندما يشتمون العربي، يطلقون عليه صفة "توركو" ="متخلف، همجي". إنهم يشتموننا بكم!.