اليمن اليوم

يقول أنصار الله "الحوثيون" إنهم ينوبون الشعب اليمني في معارك القضاء على الإرهاب الإسلاموي، ذلك ما يعتقده الكثير وتروج له وسائل إعلام اليسار الاشتراكي التي انخرط مثقفوها في اصطفاف جامح يدافع عن تلك المعارك "المذهبية" بإسقاط ثوري تفجّـر في كتابات وتبريرات أولئك اليساريين الذين حرمتهم القوى الإسلاموية السياسية من استمرار أفكارهم الثورية البالية، ووجدوا في الخطوات الثورية "الشيعية" ضالتهم لتنفيس أعوام الكبت المجتمعي الذي تجاوز سنوات المد القومي والنظريات الاشتراكية والجنون الشيوعي واعتبارها أدوات بالية عفا عليها الزمن وسبقتها لغة العصر المادي. - هناك معطيات فرز عديدة وخطيرة تتحدث عنها "مغامرات" الهرولة الحوثية باتجاه الغرب اليمني المعروف جغرافياً باسم الجنوب وجنوب الشمال أيضاً ويبدأ من أول منعطف في نقيل "سمارة" التابع إدارياً لمحافظة "إب" وعنده تنتهي التبعية "الزيدية" للغالبية العظمى من سكان تلك المناطق الموالية للمذهب الشافعي "السـُني" حيث يخوض "الحوثيون الشيعة" حروبهم بمبرر ملاحقة عناصر "القاعدة" وهو دافع نبيل لم يعد مقنعاً لسكان جنوب الشمال اليمني في محافظات "إب" و"تعز" الذين شاهدوا زيف المبررات الحوثية في مناطق أخرى مثل محافظة "ذمار" التي ابتلعها الحوثيون بسهولة أنعشت "غرورهم" وكشفت عن نواياهم في تعطيل أجهزة الدولة الأمنية والإدارية وممارسة رقابتهم "الشعبية" على المسؤولين الإداريين داخل مؤسسات السلطة المحلية بصورة سافرة وغير مقبولة تدّعي "الفضيلة" ومحاربة الفساد بطرائق انفعالية حقيقتها تؤكد السعي الحثيث لابتلاع أذرع المؤسسات الإدارية بصورة أكثر أناقة مما حاول "الإخوان" فِعله إبان "ثورتهم" القبيحة في العام 2011م. - كل الحروب التي يتوسع فيها "الحوثيون" الآن تبلورت شرعيتها الخاصة بعيد انتصارهم على انتهازية النظام الاقتصادي الذي فرض على المواطنين الفقراء رسوماً باهظة في أسعار الوقود حولت "الحوثيين" إلى جماعة "ثورية" تدافع عن القهر الشعبي، وبمجرد تخفيض المبالغ الإضافية في أسعار المشتقات النفطية عبر تسوية قسرية وقعها "النظام" بعد ساعات من استيلاء "الحوثيين" على تسعين بالمائة من مؤسسات الدولة المركزية في العاصمة "صنعاء"، أطلق الرئيس اليمني " عبدربه منصور هادي" اسم "السلم والشراكة" على تلك الاتفاقية التي غضّت الطرف عن كمية الأسلحة والآليات الحربية الضخمة التي نهبها الحوثيون وتقدر بأكثر من مليار دولار أميركي من مخازن الفرقة الأولى "مدرع" منحت الثوار الجدد سلطة الانطلاق لإسقاط محافظات ما بعد "صنعاء" معززين بكميات هائلة من العتاد العسكري "المنهوب"، تاركين وراءهم عدداً محدوداً من العاطلين عن العمل لمفاوضة "رئيس البلاد" حول بقية بنود "اتفاق السلم والشراكة"، وفي طريق النشوة المستفيدة من "شلل" النظام" المتعمد يواصل "الحوثيون" معاركهم مع فصيل مذهبي آخر تتكون هذه الأيام (مظلوميته) التي إن نضجت ثمرتها، ارتدت كل القوى الإقليمية والدولية والمحلية "الصامتة" للعزف على وترها وإحيائها كوسيلة لاستمرار الصراع الطائفي، ودعم التيار الإسلامي "السُـني" الذي نتلذذ اليوم بهزائمه وسحق منازل قياداته نكاية في ثورته الانتهازية التي أطاحت بنظام "صالح" وأورثت فشلاً ذريعاً على كافة المناحي الاقتصادية والسياسية أعطت الثوار الحوثيين نصف ابتسامة ونصف ثورة شجعتهم على التقدم المذهبي المسلح، وإذا فشلوا كسابقيهم فسيرتد إعصار "تسونامي" إلى داخل كهوف "مران".. ذلك هو المستقبل الذي ينتظر اليمنيين لما حاولوا استعادة سعادتهم بنصف ابتسامة لم تكن كافية لعودة الحلم وانتهاء الصراع الذي بدأ الآن. .. وإلى لقاء يتجدد.