اليمن اليوم

الأصالة هي صنعاء القديمة، أزياء شعبية، وأدوات وحِرف تقليدية، وقمريات ملونة، ورقصات زفاف، وكلمات وألحان أغاني الدودحية.. أما الأصولية فهي معهد "دماج" أيام "الشيخ الوادعي"، رحمه الله، قمصان بيضاء قصيرة، وعمائم مذيّلة، وكتب ابن تيمية، وصحيحي البخاري ومسلم.. لا لبس بين المفهومين، الأصولية قيمة دينية، فيما الأصالة قيمة ثقافية اجتماعية، اللبس فقط في الإسلام السياسي، بعناصره الدخيلة الطفيلية الطارئة عليهما وعلى حسابهما. البالطوهات والبراقع السوداء، على سبيل المثال، لم تعرفها لا نساء الرسول، ولا نساء الصحابة في المجتمع الإسلامي منذ البدء، ولا أمهاتنا وجداتنا في المجتمع اليمني طوال آلاف السنين الماضية.! تمتد القضية لتشمل مظاهر وظواهر التزمت والعنف، بأحزمته الناسفة.. ومليشياته المسلحة، والأعمال الإرهابية على صعيدي النظرية والممارسة.! لا الأصالة ولا الأصولية تضمنت هذه المظاهر والظواهر الغريبة الوافدة على المجتمع اليمني، ومجتمعات إسلامية أخرى خلال العقود القليلة الماضية. لا يمكن وصفها كثير من فصائل الإسلام السياسي، بـ"المحافظة"، مفهوم "المحافظة" أقرب ما يكون لمفهوم الأصالة، بينما تحمل هذه التيارات عدائية حادة، وتشن حرباً شعواء على كل ماله علاقة بالمحافظة على تراث المجتمع، وعاداته وتقاليده وفلكلوره الشعبي. حتى وصفها بالرجعية، ليس دقيقاً، الرجعية تعني الرجوع إلى أصل في الماضي، فيما تبدو هذه الظواهر والمظاهر بلا أصل حقيقي، لا في الماضي الديني ولا الاجتماعي والثقافي. فقط يمكن وصفها بالتخلف الهمجي، المظاهر المتطرفة لهذه الظاهرة، كداعش والقاعدة وبوكو حرام.. تبدو كما لو كانت أرواح شريرة كانت حبيسة قماقم سليمانية، تم إطلاقها سهواً لتعيث فسادا في الحياة والعصر، ويبدو معها أننا لا نرجع إلى الخلف، بل ننزلق في هاوية.!!