اليمن اليوم

سيذكر التاريخ أن عبدربه منصور هادي أنقذ اليمن مرتين: الأولى بقبوله تولي منصب الرئيس مطلع 2012م بعد أزمة كادت توصل اليمن إلى أتون الفوضى المدمرة، والثانية بتنحيه عن الحكم وتقديم استقالته مطلع 2015م.. بعد أن أوصل -بسياساته الكارثية- اليمن إلى مالم تصله في 2011م، حافة الانهيار الشامل، والاقتتال الطائفي. وسيذكر التاريخ للرئيس هادي أنه أخطأ مرتين، أخطاء قاتلة لحكمه وللدولة ككل: الأول بداية توليه السلطة عندما نسي أنه رئيس توافقي لمرحلة انتقالية وسمح لنفسه أن يكون مطية لتمرير أجندة الإخوان "الإصلاح" وأخونة مؤسسات الدولة العسكرية الأمنية والمدنية، من خلال دمج مليشياتهم "الثوار" في الجيش والأمن وبعشرات الآلاف، وبدلاً من أن يمارس دوره كرئيس انتقالي توافق عليه طرفا الصراع، أوغل في إقصاء "المؤتمر" وتمكين الطرف الآخر "الإخوان". وتنفيذاً لرغبات نافذي جماعة الإخوان اللواء علي محسن وحميد الأحمر، وأجندة الجماعة بشكل عام، عمل على تدمير المؤسسة العسكرية الوطنية "الحرس الجمهوري والقوات الخاصة"، والمؤسسة الأمنية، لصالح المليشيات.. فقط لأن تلك المؤسسات قد تكون عائقاً أمام استكمال مخططاتهم. بل وصل الأمر به وبهم -هادي والإخوان- إلى حل ألوية ووحدات بكاملها، كما حصل للواء الثالث مشاة جبلي الذي تم نقله أولاً من أرحب إلى مأرب، ثم حله وتوزيع أفراده على مختلف الألوية. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل سخّر –هادي- قوات من الجيش والأمن، وسلاح الجو في الحرب ضد الحوثيين، خصوم الإخوان في حاشد وعمران والجوف ومجزر مأرب.. وصولاً إلى العاصمة صنعاء ما جعل تلك الألوية والوحدات المشاركة في الحرب عرضة للنهب من قبل الإخوان وتسليح مليشياتهم وتخزين ما أمكنهم تخزينه أثناء الحرب.. وغنيمة بالنسبة للمنتصر، الحوثيين، ولن تعوض الدولة ما خسرته من آليات عسكرية نهبها الإخوان وسيطر على بقيتها الحوثيون، ولو على مدى عشرين عاماً في أحسن الأحوال. الخطأ الثاني عندما أعلن، بعد فوات الأوان وبعد أن وقع الفأس في الرأس، وبعد وصول الحرب إلى صنعاء، حيادية الدولة.. وعمل بشكل أو بآخر على إسقاط العاصمة بيد الحوثيين لتعزيز تحالفه معهم بعد سقوط الإخوان والعاصمة.. وإلصاق تهمة السقوط بـ"الرئيس السابق علي عبدالله صالح" وأنه من يقف وراء ذلك، وعليه يتم استصدار عقوبات دولية ضده.. وهذا ما حصل. وبدلاً من التمسك بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني والعمل على تنفيذها لإنهاء الفترة الانتقالية والوصول بالبلد إلى المرحلة الطبيعية، قدم هادي عشية سقوط الإخوان والعاصمة، وثيقة اتفاق السلم والشراكة، داعياً مختلف القوى المشاركة في الحوار إلى توقيعها لتكون عقداً جديداً يضمن له التمديد والالتفاف على مخرجات الحوار ويضمن للحوثيين استكمال السيطرة.