اليمن اليوم

من يتعمَّق في مفاصل الأحزاب والمكونات السياسية في اليمن يصل إلى نتيجة واحدة مفادها أن المتحكم في أمور البلد هم رؤساء هذه المكونات لا غيرهم، وأن من يليهم في الرتبة من السياسيين ليس لهم أي سلطة حقيقية في اتخاذ القرار النهائي، لأن هذا القرار مرتبط برئيس الحزب. ومن يتابع ما يجري حالياً من مفاوضات ومشاورات بشأن الأزمة الراهنة وسبل الخروج منها يتأكد من أن هؤلاء المتحاورين في موفنبيك يقتصر دورهم على حضور الاجتماعات وطرح رؤية كبار الأحزاب ومقترحاتهم للحل، وأتحدى أي شخص يتبع أي مكون أو طرف في موفنبيك التوقيع على أي اتفاقية ما لم يكن رئيسه موافقاً على ذلك. طبعاً هذه الخلاصة توصلت إليها مع العديد من الزملاء في الإعلام وخبراء السياسة الذين أكدوا أن السياسيين من الصف الثاني عبارة عن كومبارس فقط، وفقط، مهما حاولوا أن يجمِّلوا أنفسهم ببعض التصريحات هنا وبعض المقابلات الصحفية والإعلامية هناك، لكنهم يدركون حقيقة أنفسهم وأنهم لا يساوون شيئاً، ويكتفون بهذه الأدوار المرسومة لهم، كما أنهم يعرفون أن من يدير البلاد ومقاليد الأمور هم الرؤساء السبعة زائد واحد الذين يتحكمون في مصير البلاد، وكل ما يريدونه هم فقط هو الذي يمشي، أما ما عداهم فليس له رأي وليس له كلمة. كل الأحداث التي مرت بها البلاد، منذ قيام دولة الوحدة وإعلان التعددية الحزبية والسياسية وظهورها إلى العلن، تؤكد ذلك.. فمن كان يتحكم في مصير البلاد والعباد هم نفسهم وليس غيرهم، ومن كان يجرؤ على الكلام من غيرهم كان يجد نفسه في أحسن الأحوال على الرصيف إذا لم يذهب إلى مكان آخر، لذلك فقد عانينا كثيراً ومازلنا نعاني وسنظل لو استمر حال الأحزاب كما هو في اعتمادها على رئيس الحزب في اتخاذ القرار وتهميش الباقي. وقد يقول القائل إن هذه الأحزاب لها أنظمة ولوائح داخلية ومكونات وقطاعات وهلم جرا من اللوائح التي تنظم عملها، وسيأتيه الرد فوراً بالتأكيد، لكن هذه اللوائح والنظم مجرد هياكل وحبر على ورق وواجهات للجان شئون الأحزاب وليس لها أثر في الواقع المعاش. هل يمكن أن نشهد نقلة نوعية في عمل الأحزاب والمكونات السياسية، ويكون اتخاذ القرار جماعياً وفق الأطر التنظيمية لهذه الأحزاب والمكونات وليس وفق ما يراه السبعة زائد واحد حتى تخرج البلاد من أزماتها المتلاحقة؟