اليمن اليوم

لا أدري من الذي أوحى لبعض الإخوة في أنصار الله أن اعتقال متظاهرين أو القيام بمهام القضاء يشكل أولوية مرحلية أو جزءاً من العمل الثوري أو الحرب على الإرهاب والفساد. لست هنا في مقام الوعظ أو التذكير بحقوق الإنسان فقناعتي هي أن الرقائق آخر ما يمكن أن يحترمه مقاتل في معركة وأن حقوق الإنسان في الصراعات السياسية ليست مبادئ بقدر ما هي وسيلة للمكايدات والاستغلالات القذرة، وإنما أذكرهم هنا على الأقل بالتزام تنظيمي تجاه رسالة السيد عبدالملك الحوثي، التي عممت على اللجان الثورية منذ أشهر ووزعت مطبوعة على الملأ في المولد النبوي الشريف والتي تتضمن منع اللجان من التدخل في قضايا الناس إلا برضاهم وإحالة الخصومات إلى القضاء ومراعاة المثل والقيم الإسلامية والأعراف القبلية حتى في الملفات الأمنية وعدم الاصطدام بالناس والتدخل في حياتهم، إلى غير ذلك من الأمور التي أعتقد أن تنفيذها مهم ولو من قبيل المصلحة المجردة للجماعة التي هي في أمسّ الحاجة لتركيز جهودها في ما هو أهم من صراخ أحدهم لا حوثي بعد اليوم، أو كتابة آخر مقالاً يتبرم فيه من ممارسة خاطئة حدثت أو حتى قام باختلاقها. أعرف أن الحدث الذي يقف حاملاً بندقيته في النقطة سيرد ولو بقحصة على من يشتم قيادته أو يحتقر مظهره الفلاّحي، ومن السخف أن نعتقد أن عليه أن يكون الأحنف بن قيس، غير أنه من السخف أيضاً أن يرسل مشرف محافظة أطقم اللجان المسلحة إلى مظاهرة غاضبة ولا يتوقع أن تسيل دماء، والأسوأ من ذلك أن يستهان بتلك الدماء أو تبرير اعتقال المشاركين فيها بأنهم دواعش. ليس على أنصار الله أن يكونوا نسخة من الأحنف أو أشج عبدالقيس، فهذا كما أسلفت سخف ومحال، ولكن الخير لهم وللناس أن يفسحوا المجال أمام مؤسسات القضاء والأمن لتقوم بعملها، فمنتهى الإصلاح سيادة القانون، وبعيداً عن مؤسسات الدولة لا نستطيع الحديث عن سيادة القانون ولا عن قانون أصلاً ليكثف أنصار الله الرقابة على أدائها، وأشدد الرقابة وليس الوصاية، ويعفوا أنفسهم من الوقوع في المحاذير، ومن ثم البحث عن تبريرات أو حتى إيضاحات، خصوصاً وأن الناس إلى تتبع العورات أميل منهم إلى سماع المبررات. لا شك أن الكثير من أنصار الله يدركون ما قلته جيداً وما أتمناه هو أن يتمكن المدركون من إلجام جموح سكرة القوة عند غير المدركين.