اليمن اليوم

لا تحشر خصمك في زاوية حرجة.. بما يفوت عليه الخيارات السوية والآمنة، ويضطره إلى خيارات لئيمة وخطرة.. لمواجهة ما يشعر أنه قضية مصيرية وتهديد وجودي. لم يترك ثوار 2011م أمام مكونات النظام القديم إلا خيار الرحيل، فاضطروا، كلٌّ من جهته، إلى الالتفاف على الثورة، وقيمها الشبابية المدنية السلمية، والاستعانة بدول الخليج للحفاظ على كياناتهم المهددة بالترحيل والاجتثاث.! في هذه الأثناء وبعدها: لم يترك الإخوان وآل الأحمر للرئيس عفاش إلا خيار التآمر المضاد، والاستعانة بالحوثيين لحماية بقية نفوذه.. فضلا عن حياته التي نجت بأعجوبة من حادثة النهدين! لاحقا: لم يترك الحوثيون والرئيس عفاش للرئيس هادي إلا خيار الهروب والاستعانة بالسعودية، للحفاظ على نفسه، واستعادة شرعية لم يحسن إدارتها! في السياق: لم يترك الحوثيون للإخوان إلا خيار المقاومة المسلحة، والاستعانة حتى بالشيطان للحفاظ على مكاسبهم المتقادمة، وحماية كيانهم المهدد بالمحو ! وصولا إلى التدخل الأجنبي والحرب الأهلية، هناك الآن نافذتان على الأقل للحوار والحل السلمي: نافذة أممية لولد الشيخ، ونافذة إقليمية في مسقط.. لكن السعودية والرئيس هادي يغلقانهما ويعرقلان كل المساعي للخروج من إحداهما إلى تسويات وحل سياسي للأزمة والحرب! هذا الموقف السعودي الهادوي، متجانسا مع ديدن السياسية اليمنية: لا يترك للحوثيين والجيش إلا خيار التلاحم والصمود والدفاع عن النفس حتى آخر نفَس وقطعة سلاح! إن كان كل هذا اللؤم والعنف والانحطاط يسمى سياسة، فعاهة السياسة اليمنية والعربية هي هذه: أن كل طرف يهدد الآخر في كيانه ومصيره، ويتوقع منه أن يترك له الميدان ويرحل بكل هدوء.. فيما يضطره لأسوأ الخيارات ربما كاتجاه إجباري بعد إغلاق الطرق المؤدية إلى الخيارات الأخرى!