منذ نقل السلطة سلميا، بعد التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، أي منذ عامين إلا أشهر قليلة، والحديث عن النموذج اليمني مستمر.. ومن أشهر المتحدثين الرئيس هادي، وجمال بنعمر، وبان كي مون، والزياني، والسفير الأمريكي، وسائر سفراء الدول الراعية، ومجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي.
قالوا: إن النموذج الحضاري اليمني المتمثل في التسوية السياسية القائمة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، نموذج فريد.. هو النموذج الأفضل.. النموذج الرائع على مستوى الشرق الأوسط.. النموذج الذي ليس له مثيل في المنطقة العربية..الإنجاز التاريخي غير المسبوق.. النموذج الذي يتابعه المجتمع الدولي بأسره.
وقالوا: إن جميع الأطراف في اليمن ملزمة بهذه المبادرة، وتنفيذ البرنامج المحدد لآليتها التنفيذية المزمنة، ولا فرصة أخرى أمامهم غير ذلك، وعليهم أن يتحملوا المسئولية، ويدركوا أن اليمن - بهذا النموذج – أمام فرصة نادرة للخروج من الأزمة، وطي صفحة الماضي نهائيا.. وإن عجلة التغيير قد دارت، وعلينا الانتقال إلى واحة السلام، والمشاركة، والأمن، والأمان، والاستقرار، والتنمية المستدامة.
وقالوا: إن العالم من حول اليمن، وفي مقدمته الأمم المتحدة ومجلس الأمن والرعاة الدوليين، مصممون على المضي بهذا النموذج إلى نهايته، وملتزمون بدعم اليمن وأمنه واستقراره ووحدته، وسيتابعون مستويات التزام الأطراف اليمنية بالمبادرة، وآليتها التنفيذية، وقراري مجلس الأمن، وأي طرف يعيق التسوية سيشهد عليه الرعاة، وسيعاقبه مجلس الأمن الدولي.
لقد قالوا ذلك، وقال غيرهم مثله أو أقل، والجميع في ذلك محقون.. ولكن يبدو الآن أن هناك بعض التراجع، على مستوى الأقوال والأفعال.. هناك طرف ينتهك المبادرة وآليتها التنفيذية من خلال الإدعاء بأنه غير ملزم بها، وأنها ليست قرآنا، وأن التسوية السياسية برمتها لا تعنيه، فلا يجابه بلوم صغير من الذين تكلموا عن النموذج الفريد الرائع الأفضل الحضاري.
وهناك أطراف تنتهك المبادرة وآليتها من خلال استمرار التمسك بالمليشيات، ومن خلال استمرارا في الأفعال الاستفزازية، ومن خلال السعي إلى نسف مؤسسات دستورية قائمة، ما لم تكن محلا للقسمة والمحاصصة، ومن خلال المطالبة بإسقاط الحصانة، ومن خلال السعي إلى تمديد الفترة الانتقالية، ومن خلال التحايل على مخرجات الحوار، كل هذا وغيره كثير، لا يجابه بلوم صغير من الذين تكلموا عن النموذج الفريد الرائع الأفضل الحضاري.. بينما يُهَدد المؤتمر الشعبي وحلفاؤهم لمجرد أنهم يرفضون تحويل وحدة البلاد إلى موضوع للمساومة أو التفاوض، رغم أن موقفهم هذا يستند إلى المبادرة وآليتها.