في 20 فبراير عام 1972 قُتل في بيحان عدد من مشايخ قبيلة خولان، أبرزهم الهيال وحنتش والزايدي والغادر، وقتل معهم آخرون، قيل إن عددهم يزيد على ستين شخصاً من المعارضين لنظام صنعاء، وهناك روايتان مختلفتان حول الطريقة التي قتلوا بها، فرواية المسئولين في صنعاء قالت إنهم قتلوا غدراً بتفجير المخيم الذي تمت استضافتهم فيه.. بينما قال مجلس الدفاع في عدن إن هؤلاء المشايخ ومن معهم كانوا ضمن جيش قبلي قام بالاعتداء على أراضي الجنوب فقتلوا أثناء المواجهة.
فهل كانت واقعة فبراير 1972 سبب حرب سبتمبر 1972؟.. لقد قرأت في كتاب "أحداث من الذاكرة" الذي كتبه العميد محمد عبدالله الإرياني، ونشره عام 2011، ما يؤكد ذلك، بينما تضعِّفه وقائع تاريخية كثيرة.
في الكتاب نشر المؤلف وثيقة يعود تاريخها إلى 28 مارس 1972، وهي رسالة من الرئيس عبدالرحمن الإرياني، وجَّهها إلى "الأولاد الأعزاء العقيد محمد عبدالله الإرياني وإخوانه الضباط الشرفاء"، والعقيد الإرياني كان حينها القائد العام للقوات المسلحة.
وفي الرسالة يقول لهم الرئيس الإرياني: إن وزير الداخلية في الجنوب أكَّد له أنهم لا يمكن أن يبدأوا العدوان، ونحن علينا أن لا نبدأ بالحرب، وإذا شُنَّت الحرب من قبلهم في منطقة معينة علينا الرد من منطقة العدوان دون تجاوزها إلى غيرها.
وتوجَّه بالنصيحة إلى المشايخ يقول لهم إن الحرب ويلاتها كبيرة، وألَّا يخلقوا حرباً لإشفاء غيظهم، لأن "المجانين في عدن" انتصارهم محتمل، إذا سيكونون في موقف المدافع، ثم أنهم عقائديون.
وقال للمشايخ: قد تقولون إن الجنوبيين تعدَّوا على الغادر ومن معه، وأنا معكم أمقت الغدر، لكن عندي رسائل من الغادر يقول لنا فيها إن الدولة أصبحت بيد الأحمر وأبو لحوم والمطري، ولن يدخل صنعاء إلا بعد إزاحتهم، فهو ليس صديقاً، ولا عدواً مهادناً، بل عدو منافس يريد الشر بالجميع، فلما جاء قدره على يد الغير (الجنوبيين) أراد المشايخ أن يثيروها حرباً على مستوى اليمن.. والرسالة طويلة.
ويخطئ من يختصر أسباب تلك الحرب بواقعة بيحان، فهي من أسبابها الكثيرة، ومنها الصراع بين الدولتين منذ الاستقلال، فكلُّ طرف آوى معارضي الطرف الآخر، والنظام في صنعاء خصص 13 مقعداً من مقاعد المجلس الوطني لتمثيل المحافظات الجنوبية عام 1969، وبعدها بدأت حرب المناطق الوسطى، والاغتيالات المتبادلة، ثم الخلاف الأيديولوجي، والتدخلات الخارجية التي جعلت اليمنيين يحاربون أنفسهم.