نسمع ونقرأ كلمة "نوه" كل يوم، إذ لا يخلو منها خبر، دون أن نلاحظ أنها ترد في غير موضعها، أو تستخدم خطأ.. في المعاجم العربية "نوه" بكذا، أو بفلان، أي رفعه، وعظمه، وأعلى شأنه، وأشاد به.
هل تتصورون أن رئيس الجمهورية سوف "ينوه" بتنظيم القاعدة واختراقاته الأمنية؟ بالطبع لا.. مع ذلك قرأنا أمس-كما جاء في الخبر- : "ونوه الأخ الرئيس إلى أن هناك اختراقات من قبل تنظيم القاعدة الإرهابي، ولا بد من متابعتها، وحذر من تكرار ما حدث في المنطقة العسكرية الثانية.."!
وبعد هذا التنويه، لنتأمل في المهم.. الرئيس أكد لأول مرة أمرا، وحذر مرارا من تكرار أمور، لكنها تتكرر.. أكد أن تنظيم القاعدة قد اخترق الجيش وأجهزة الأمن.. وحذر من تكرار ما حدث في العسكرية الثانية، بينما يتكرر ذلك في اليوم نفسه أو في اليوم التالي، وهذا يشير إلى أن اختراقات القاعدة مستحكمة.
لن نسمح بتكرار ما حدث في السبعين، وتكرر في شبوة.. نحذر من تكرار ما حدث في شبوة، ثم يتكرر في المكلا.. ونحذر من تكرار ما حدث في المكلا، وفي اليوم التالي يتكرر في رداع، ويجتمع الرئيس بالقيادات العسكرية والأمنية والمحافظين لاتخاذ تدابير بشأن الإرهابيين، وينفذ الإرهابيون جرائم القتل والخطف قبل الاجتماع وأثناء الاجتماع وبعده.
أتدرون لماذا؟ ليس لأن الجيش ضعيف، وليس لأن أجهزة الأمن والمخابرات ضعيفة، وليس لأن المحافظين مهملين ويرضون لأنفسهم الحرج واللوم، بل لأن الإرهابيين تمكنوا من اختراق الجميع، اختراقا كبيرا كما تشير أفعالهم في الميدان.
ما أنزلته الطائرات بلا طيار بالإرهابيين، وما وقع لهم من الجيش، ليس قليلا أو هينا، ومع ذلك يتكاثرون وينتشرون ويواصلون الضربات، وكلما ضربوا ضربة، يخرج لنا مسئولون يرضون أنفسهم بالقول إن تنظيم القاعدة يقوم بذلك لشعوره بالهزيمة والضعف، وإنه في الرمق الأخير، ولذلك قام بالعملية الأخيرة، وكلام مثل هذا لم يصدق منذ سنوات وإلى اليوم، فهو يضرب ويضرب لأنه يشعر بالقوة، وليس بالضعف أو قرب الموت منه.
لماذا نكذب على الشعب وعلى أنفسنا؟ تنظيم القاعدة لم يهزم، ولا يشعر بالضعف حتى، فكل ما حوله يمده بالقوة، فله أموال ورجال دين ومعاهد دينية ووسائل إعلام، وصار له مجندون ومخبرون في الجيش والأجهزة الأمنية، بل وفي القضاء.. والرئيس يعرف ذلك، ويعرف مشايخ القبائل ورجال الدين الذين "ينوهون" بالإرهاب.