الإرهاب صار عقيدة داخل العقيدة الإسلامية.. عقيدة لها معاهد وشيوخ ودعاة، فمنشأها ثقافي وفكري.. الإرهابيون تشربوا ثقافة التكفير والفكر التكفيري في معاهد ومراكز دينية سلفية، فيها ولاء وبراء، وتوزيع المسلمين على فسطاطين، وتكفير الدولة، لأنها عميلة، ولا تحكم بالإسلام، ولا تطبق الشريعة.. في عقيدتهم أن ما هو قائم ليس من الإسلام، وما هم عليه هو الإسلام الصحيح، كتاب الله وسنة رسوله، ومذهب أهل السنة والجماعة.
ما يقوم به الإرهابيون من قتل وتدمير يعد صوابا في نظرهم، بحسبانه جهاد في سبيل الله، وعلى طريق إزالة الدولة الكافرة، وتحقيق حاكمية الإسلام، وحاكمية الشريعة، بإقامة الدولة التي يطبق فيها حكم الله، وتسود شريعته.
الذين لا يؤيدون الإرهاب، أو لا يرضون عن أفعال الإرهابيين، يغالطون الدنيا بالقول: إن الإسلام والإرهاب لا يلتقيان، والإرهابيون جهلة، فئة ضالة، بل وليسوا مسلمين! يقولون ذلك وهم يدركون أن فيهم من حفظ القرآن، ودرس الحديث، وتعلم وتربى في مؤسسات دينية، إسلامية سلفية.
الإرهابيون الذين كانوا في السجون، وحاورهم القاضي الهتار ثم أوصى بإطلاق سراحهم عادوا للقتل والقتال، والذين خضعوا لبرنامج المناصحة السعودي رجعوا كما كانوا، وبعضهم توجه للقتال في اليمن، وكل ما يقومون به هو بنظرهم من صحيح الإسلام، ومن مقتضيات إقامة دولة الإسلام.. وكل ذلك يشير إلى أن عقيدة الإرهاب مستحكمة فيهم، ولذلك لا جدوى من الحوار معهم، ولا جدوى كبيرة من العنف ضدهم ما دامت المؤسسات الدينية تنتج أمثالهم يوميا.. فالحكومة تطير طائرة لتقتل خمسة، وفي نفس اللحظة يأتيها بدلا عنهم مائة من مركز دماج بصعدة، أودار الحديث بمأرب، أو مركز النور بمعبر، أو جامعة الزنداني بالعاصمة.
لا يمكن القضاء على الإرهاب إلا بعد زمن طويل، وذلك في حالة وجود خطة حكومية لتجفيف منابعه الثقافية والفكرية والمالية، وقد قلنا مرارا إن هذا الذي يفجر أو يقتل، هو الحلقة الأخيرة في سلسلة طويلة تتكون منها العملية الإرهابية.. قبل منفذ العملية الإرهابية، هناك المعهد الحاضن، والشيخ العراب، والمجند، والمدرب، والمخطط، والممول، والمفخخ، وخبير الأحزمة، والملاذ الآمن.
حكومة تريد أن تقضي على الإرهاب بطائرة من الجو، وعلى الأرض خطابها الديني لا يتمايز عن خطاب الإرهابيين، والمؤسسات التكفيرية تفعل أمام عينيها، وتغض الطرف عن أحزاب وجمعيات تجلب وتؤوي الإرهابيين الأجانب، والتبرعات والزكوات بلا رقيب.. وزادت سمحت باختراق الجيش وأجهزة الأمن!