المتخصصون في سبر أغوار النفس البشرية وعلم النفس الاجتماعي، يرون أن فلاشات التوعية بالظواهر السلبية مهمة في غاية الخطورة، وأن كثيرها يأتي بمردود عكسي لا يخطر على البال..
*وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن عبارة "لا للمخدرات" التي ترسم على قمصان اللاعبين تؤدي إلى سقوط "لا" الرافضة للمخدرات لتعلق كلمة "المخدرات" في أدمغة الناشئة على وجه التحديد..
*ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن تنظيم مؤتمر لمناهضة التحرش الجنسي في الشوارع اليمنية بحاجة لأخذ الإشارة آنفة الذكر بعيون الاعتبار والاحترام، بحيث تغلب المواجهة والتوعية على الآثار السلبية عند الشباب الذين لم يفكروا بالتحرش الجنسي بعد.
*عنوان المؤتمر كما ترون خطير إذا اقتصر المؤتمر على السجلات القائمة في قاعته ومايكرفوناته ولم تخرج التوعية والتوصيات إلى المجتمع ومؤسساته.. حينها لن تعلق في أذهان الشباب والمراهقين سوى مفردتي التحرش الجنسي، بما فيهما من إذكاء للخيالات الطائشة.
* وحتى لا يكون لما سبق من التحذير نفس الوقع الذي أتناول الآن التحذير منه، وفقاً لتأكيدات علماء النفس، فإن من المهم هنا أن يعقب المؤتمر حملة توعية مستدامة تصل إلى الجميع.. خاصة وأن قاعدة عريضة من الأسر لا تتحدث مع بناتها في هذا الجانب، وإن تحدثت لا يكون عندها القدرة على تعليم البنت أو حتى الولد الطريقة المثلى في مواجهة التحرش في شوارع تراجعت فيها النخوة والغيرة القديمتين.. وصار كثير ممن يشاهدون الجريمة يكتفون بالعبارة الهروبية "وأنا مادخلي".
* وافر الاحترام والثناء لكل جهد مدني يهدف لمحاربة الظواهر السيئة في المجتمع كما هو الحال بظواهر العنف المجتمعي والقات والمخدرات والتدخين والتحرش الذي طال في السنوات الأخيرة آلاف النساء والأطفال وفقاً لمنظمي الحملة.
*ورائع جدا أن يناقش مؤتمر مناهضة التحرش الجنسي الظاهرة، بهدف تحطيم حاجز الصمت الذي يحيط بقضية اجتماعية خطيرة يلفها حياء من يتعرض للتحرش، أو مخاوف الأسرة من الفضيحة التي يكرسها جهل يجرم البنت حتى لو كانت بريئة ويدفعها للانكسار.
*وإذا ما عرفنا أن المؤتمر استغرق وناقش أوراق عمل تناولت المشكلة من منظور اجتماعي ونفسي وأمني وقانوني، بل وأدبي وثقافي، فإن في الأمر ما يدعو للأمل بنتائج إيجابية، بحيث لا تعلق في النفوس والعقول كلمة "التحرش" ويختفي الردع الأخلاقي والقانوني منها.