يود المواطن العربي في المشرق الخائر أن يطمئن على أحوال المغرب العربي الفاتر بحثاً عن بارقة أمل.. لكن متابعاته لما يجري في ليبيا وتونس مثلاً تعيد إليه بصره خاسئاً وهو حسير..
· لا القبيلة في ليبيا ما بعد معمر القذافي نفعت ولا علمانية الحبيب بو رقيبة ومن بعده زين العابدين بن علي صاحب مفردة "فهمتكو" هيأت البلاد لربيع مختلف بالصورة التي يتطلع إليها العرب.
· ولقد صح القول: مصر ليست تونس واليمن ليست مصر وسوريا ليست مثل البقية، غير أن ذلك لم يتأكد إلا من منظور البيت الشعري "تعددت الأسباب والموت واحد" حيث وما منكم إلا "سيتصومل أو يتأفغن أو يتعرقن".. وفي كل الأحوال يكفي أن يتوجع وينزف بلد عربي ليصرخ الجميع توجعاً على الأقل من باب أننا مسلمون افتراضيون وأننا عند مستوى الحاجة لتقمص التداعي بالسهر والحمى.
· لا أذكر لمعمر القذافي أنه قدم لليمن أو حتى ليبيا ما يستدعي الأمنية ليته استمر ولم يسحل بدليل الألغام إياها.. لكن الحق أن ليبيا ما بعده تسير بإيقاع سريع نحو التشظي وسط تبادل التهم بالفساد والإخفاق في توفير الأمن فطالت أعمال العنف رأس السفير الأمريكي في سبتمبر من العام الماضي ليستمر المشهد الفوضوي درجة أداء عشرين وزيراً للقسم في حكومة ظل ليبية انفصالية على منصة يزينها علم "برقة".. ودائماً فإن المستهدفين بالقتل هم ضباط الجيش والأمن وحراس السجون.. خطة ربيعية كما لو أنها تخرج من مشكاة واحدة عنوانها التشظي الذي بدأت نذره في ليبيا وبقية المأساة تأتي..
· ورغم أن تونس المنصف المرزوقي وحزب النهضة الإسلامي تحاول تحاشي السيناريو المصري بتحدياته التي لن يأمن مكرها عبدالفتاح السيسي ولن تضمن حقاً أو حتى باطلاً لمحمد مرسي حتى لو جاء إلى المحكمة بالبدلة وإشارة رابعة.. إلا أن خلط الأوراق التونسية بالفوضى يسير على أقدام الصراع والديناميت لتكون السياحة في صدارة الأهداف التدميرية رغم أنها ضمار تونس ورأس مال دخلها القومي.. ولا حيرة أمام دلالة أن أحد الذين فجروا أنفسهم في "سوسة" السياحية قادم من سوريا.
· هذه الأحداث العربية الربيعية تراجيدية في إطلالتها.. وهي من البؤس في استحضار حقيقة أنه إذا عجز الناس في إيجاد البديل المحترم وصار الأمن حلماً.. داهمهم الحنين إلى الماضي حتى لو كان سيئاً..
· وأما وسيناريو الفوضى مصمم على استدعاء قول شاعرنا:
( تركنا المجرمين بلا عقاب .. وطاردنا الضحية والجريمة)
فليس أقل من إعلان خيبة الأمل من ربيع تطلعت الشعوب العربية إلى أن تجتمع فيه التحية الثورية التغييرية صباح الخير والعيش والحرية والكرامة.. فإذا بنا نتمنى فقط الحصول على صباح الخير.. وصباح بلا فوضى أو دماء.