السلطات السعودية تلاحق المقيمين المخالفين لنظام الإقامة عندها، وتقبض عليهم وتبصِّمهم، ومن بصمَ ترحِّله، ويصبح محروماً من دخول المملكة مدة عشر سنوات، وقيل إن يمنيين يهربون من هذه البصمة إلى بلادهم، على أمل أن يتمكنوا لاحقاً من دخول السعودية والإقامة فيها بصورة قانونية.. يهربون من حملات التفتيش والملاحقة إما إلى حدود بلادهم، أو يختبئون في مكان ما داخل السعودية، وفي كلتا الحالتين هم ملاحقون من قِبل الحراس في الحدود، ومن المفتشين في الداخل، فصارت البصمة قدراً مقدوراً.
لم نسمع أن الحكومة أجرت اتصالاً مع مسئولين سعوديين حول هذا الإجراء المثير للقلق في هذا التوقيت.
صباح قبل أمس مجلس النواب اتهم الحكومة بإهمال الصيادين الذين تحتجزهم أريتريا، وبعد مغرب الشمس خرج مصدر حكومي يعرب ويستغرب، ويقول لا يجوز توجيه هذه التهمة للحكومة.. لماذا؟ لأن باسندوة استدعى القائم بالأعمال في سفارة أريتريا مرة بعد مرة وناقش معه قضية الصيادين.
أقصى ما قدر عليه باسندوة استجداء قائم بأعمال، ومرة بعد مرة.. وهذا ليس من الغرائب، فما عسى أن تفعل حكومته مع السعودية لمصلحة مئات آلاف المطرودين منها، إذا كان باسندوة لم يستطع إقناع قائم بأعمال أريتري بشأن قليل صيادين؟!
والحق أن لا عتب على السعودية، حتى وهي تطرد اليمنيين في هذا الوقت، فقد أعطت المخالفين مهلة كافية لتصحيح أوضاعهم، وكانت أيضاً مهلة كافية لحكومة بلادهم لكي تستعد للمطرودين من بلد الاغتراب.
اللوم يقع على الحكومة.. كانت تعرف منذ أشهر أن هذه الواقعة ستقع لا محالة، ومع ذلك لا خبر يشير إلى أن هذه الحكومة استعدت لاستقبال الواقعة كما ينبغي، ولا ما يشير إلى أنها اليوم بصدد تدابير معينة بشأن عشرات آلاف، وربما مئات آلاف المغتربين الذين قد طردوا والذين سيطردون تباعاً من السعودية.. السلطات هناك تؤكد أن حملاتها مستمرة، ولن تبقي على أراضيها أجنبياً واحداً يقيم إقامة غير قانونية.
والحال أن هذه الألوف المؤلفة التي رحلت وسترحل من بلاد الاغتراب الكبرى، سترجع إلى اليمن، ولن تكون خيراً وسلاماً على قلب حكومة غربة الدار الآخرة.. والمفهوم الآن أن هذه الحكومة لم تستعد لهم بأية حلول، وهي تعلم منذ أشهر أنهم عائدون قسراً، وأما غير المفهوم لماذا لم تفعل؟ هل اعتقدت- مثلاً- أن السعوديين كانوا يمازحون؟