الحرب مستمرة في دماج، والدولة تقف مكتوفة الأيدي، كمن يتفرَّج على حلبة مصارعة، ويهتف للطرف المنتصر.. وكأن سكوت الدولة كلَّ هذه الفترة يعني علامة الرضا!!
بالتأكيد لا يعرف المتناحرون ما هو السبب لكلِّ هذا القتل الذي يحدث، وكأنها نشوة للقتل لا أكثر، واغتنام للانفلات الأمني ليخرج كلُّ واحد قبحه في وجه أخيه.
إن كان هذا القتال سياسياً فقد عبَّر عن أقذع وأقذر وجوه السياسة التي لا ترتوي إلا بدماء الأبرياء وخراب البيوت.. وإن كان القتال دينياً فبالتأكيد أن الإلحاد أهون من إراقة الدم.. فهدم الكعبة أهون من سفك دم إنسان.
حين كان اليهود في صعدة، وغيرها،كنا أكثر توازناً وقبولاً بالآخر، لأننا كنا نتعايش مع طائفة أخرى ودين آخر.. وحين رحل اليهود منها افتقدنا هذا التوازن فضقنا ببعضنا البعض، ولم نعد نعرف ما معنى التسامح والقبول بالآخر.
كان اليهود يصومون مع المسلمين، ولا يأكلون في نهار رمضان احتراماً لمشاعر الصائمين، وبعد العشاء يتلقون- مسلمين ويهود- ويتناولون القات ويسهرون جميعاً، وكلٌّ منهم يبتسم في وجه أخيه وصديقه.
هذا هو معنى الدين الحقيقي.. أن تقبل بالآخر دون أن يعنيك دينه أو مذهبه، فلستَ رباً حتى تقيِّم الناس وتتعامل معهم من منظور ضيِّق لا تستطيع عينك أن تنظر من خلاله، بقدر ما هي العاطفة التي تدفعك إلى هذا الضيق الأهوج، الذي لا يمتُّ إلى الإنسانية بصلة.
تسمع في خطب الجمعة من يبكي على قتلى دمَّاج، ويطلب من المسلمين النصرة لإخوانهم، والجهاد في سبيل الله ضد الحوثيين الذين يقولون نفس الكلام.. وكلُّ طرف منهما يصوِّر نفسه أنه هو المعتدى عليه.