عبدالله الصعفاني
كنا نشكو من المجهول فصرنا نشكو من المعلوم..أما المجهول فهو تشكيل لجنة للتحقيق في كارثة فلا تقوم بإطلاع الناس على ما حدث ..وأما المعلوم فهو أن تنفذ لجنة توجيهات الرئيس هادي وتجهز تقريراً عن جريمة مجمع وزارة الدفاع لكنها لا تقول في التقرير شيئاً مهماً أو معلومة جديرة بالاهتمام سوى التأكيد على أن معظم من نفذوا العملية من الجنسية السعودية.
· أعجبتني صرامة الرئيس هادي وهو يحدد 24ساعة لموافاته بالتقرير.. ولم يعجب أحداً أن التقرير طلع علينا بعد الجهد وفسر الماء بالماء واستحضر قول الشاعر غير الموهوب كأننا والماء من حولنا..قوم جلوس حولهم ماء ,وفي أحسن الأحوال وجدنا أنفسنا أمام تقرير يلخص البيت " العبقري" ..الأرض أرض والسماء سماء ..والنار قالوا إنها حمراء.
· هل أكون مواطنا طماعا لو تساءلت عن التناقض بين القول أن المقتحمين كانوا 12 مسلحاً تم القضاء عليهم جميعاً وبين القول أن هناك مقبوض عليهم..جميعنا يتمنى لو كان بين المسلحين المقتحمين أحياء حتى يكونوا خيوطاً إلى مشغل جريمة العرضي والجرائم السابقة والجرائم التي يجري التخطيط لتنفيذها في بلد لم يعد يحتمل المزيد من الجرائم الفاجرة.
· وعذراً لو بدوت ساخراً في موقف لا يحتمل أكثر من استعارة مفردات التراجيديا السوداء.. ولكن بعض الأمور تخرجك عن صبرك فتحاول التعبير عن ما يعتمل في نفسك وحسابك أو أجرك على الله..
· عدد الضحايا وطريقة القتل كانت من البشاعة بالصورة التي تذيب مشاعر الألم حتى عند الأحجار..عملية إجرامية لم تستثن حتى الطبيبة والممرضة من الاغتيال المتوحش ولم تفرق بين رجل وامرأة ..بين مواطن وأجنبي ..فأي إحساس أوصله هؤلاء إلى زوجة الطبيب الفلبيني التي لم تتمالك نفسها وهي ترى زوجها مقتولاً فعلقت بإحساس قاتل من الحيرة والوجع..هل هذه مكافأة نهاية ثلاثين عاماً من الخدمة في اليمن.
· وعود على بدء .. ربما كان لضيق الوقت دوره في إعلان ذلك التقرير الإنشائي الذي جعلني شخصياً أتمنى أن لا تظهر التقارير خلال24 ساعة وإنما بعد 24 سنة وحينها أكون قد شبعت موتاً..
· ويبقى الأمل في أن تطلع الأمة اليمنية على تفاصيل لا يتحول الأمر برمته إلى فيلم أكشن قامت به قوات التدخل السريع في مزرعة وإنما تقرير يقف منه الجميع ليس أمام دخولهم من البوابة وصعودهم من الدور الأول إلى الثاني وتحطيمهم للطابعة وإنما يكشف عن الخيوط والأبعاد ويؤدي إلى استفادة تحول بين اليمنيين وبين تقديم المزيد من ضحايا هذه المذابح.