استبعد الإصلاحيون قيام تنظيم القاعدة بتنفيذ الهجوم الإرهابي على مجمع العرضي، وأهدروا حياءهم في سبيل نفي صحة بيان التنظيم الذي أعلن فيه مسئوليته عن الهجوم، وراحوا يجتهدون في اختراع جهات يحلونها مكان التنظيم الحميم.. ومن تابع ما خطُّوه، وما نطقوا به في وسائل إعلامهم، يجد في اجتهادات القوم شيئاً عجباً، أقلّه المكر المفضوح، وبؤس التفكير.
قالوا: ليس تنظيم القاعدة، بل النظام السابق، ودليلهم الساطع على ذلك أن قناتي اليمن اليوم، وأزال، كانتا تصوران أحداث الخميس، ما يعني أن لديهما علماً بما سيحدث.. وليس مهماً أن تكون قناة الجزيرة أول السبَّاقين، فهي قناة قطرية إخوانية لا تهتم بالإرهاب والانقلابات.. ثم قالوا: ليس القاعدة، إنما الحوثيون، بدليل أن المهاجمين استخدموا أسلحة ضُبطت في السفينة الإيرانية جيهان.. أما كيف وصلت الأسلحة من جيهان المضبوطة المحرَّزة المُصادرة من قبل الدولة، إلى يد الحوثيين ليستخدموها في هجوم الخميس؟ وكيف عرف الإصلاحيون أن تلك الأسلحة بعينها استُخدمت في الهجوم، بينما المعركة لا تزال مشتعلة في العرضي؟ فهذه مسألة تتعلق بعبقرية إعلام الإصلاح.
ثم قال الإصلاحيون: ليس تنظيم القاعدة، بل السفير أحمد، وبرهانهم القوي أن الأسلحة التي استُخدمت في الهجوم ليست إيرانية، بل هي أصلاً أسلحة متطورة جداً جداً نُهبت من المنطقة العسكرية الجنوبية في عدن.. ثم قالوا: ليس تنظيم القاعدة، بل الحراك الجنوبي، والدليل هذه المرة ليس نوعية الأسلحة المستخدمة، بل تحالف الزمرة محمد علي أحمد، والطغمة علي البيض.. ثم قالوا: ليس تنظيم القاعدة، بل يحيى هو الذي يقف وراء الهجوم، واستدلُّوا على ذلك بالدليل المشرق، وهو أن يحيى يعارض التمديد للرئيس هادي!
أمام الجميع حقيقة مرجَّحة تتحرك على الأرض، وفي مواقع تنظيم القاعدة، بينما يترك الإصلاحيون الحقيقة المرجَّحة، ويحلِّون محلها أوهاماً متناقضة، مرة الحوثيين، ومرة النظام السابق، ومرة الحراك، ومرة، ومرة.. وكل ذلك للستر على تنظيم قد قال: أنا الذي فعلت.. ومعروف أن الإرهابيين في القاعدة لا يكذبون مثل الإصلاحيين.
الحقيقة المرجَّحة، هي أن منفذي الهجوم الإرهابي سعوديون ويمنيون ينتسبون لتنظيم القاعدة، لكن الإصلاحيين يكافحون في سبيل نفيها، لروابط بين الطرفين قد أشرنا إلى بعضها من قبل في هذا المكان، وربما أيضاً للتشويش على رواية تتنقل بين الناس، مفادها أن الهجوم الإرهابي تشارك فيه تنظيم القاعدة مع عسكريين يقودهم لواء، وكان الهدف اغتيال الرئيس.