عبدالمجيد التركي
أعرف أنني مطنِّش جداً ولا مبالٍ بأي شيء.. وأنني أجرح أصدقاء، دون قصد، بسبب تلقائيتي التي أتعبتني ولم أستطع التخلُّص منها.. أعترف أنني بسيط كالماء، ومغرور كطاووس غبيّ حين يضعني أحدٌ في موقف لا أحبه.. لكنني لا أحسد أحداً على شيء، لأنني أعيش حافياً من كل طموح. يكفيني أن أرتدي قميصاً مجهولاً لا ينتمي لأية ماركة، وأنتعل حذاءً اشتريته من الركن الإيطالي، بعد أن غضضتُ الطرف عن قراءة بلد الصُّنع الذي لن يكون سوى حيٍّ شعبي في الصين. يكفيني القليل من الضوء، لأن الأضواء المبهرة تجلب العمى، وحسبي من كلِّ هذه الأضواء ما يضيء لي الطريق فقط. أقنع بالقليل، وحين يأتي الكثير أبدِّده دون رفَّة جفن، لأنني أؤمن باللحظة التي أعيش فيها ولا يعنيني ما سيأتي، لأنني سأتعامل معه بلحظتي التي سأكون فيها. قال لي أحدهم إن هذه الحالة معناها الوجودية.. لا يعنيني، لأن معرفة اسمها لن تضيف إليَّ شيئاً.. أحياناً نكون بحاجة إلى التعامل بهُزءٍ أكثر تجاه هذه الحياة التي نحدِّق فيها، ونشاهد أحداثها دون أن نفهم شيئاً، وكأننا نشاهد فيلماً أجنبياً دون ترجمة، وستباغتنا النهاية دون أن ننتبه، كما لو أننا كورس يظهر لخمس ثوانٍ فقط ثم يختفي، وليس معنياً ببقية الفيلم. فلتكن كذلك.. ما لا أقدر على فعله أن أمشي على الجدول، فأنا لا أحب أن أكون دقيقاً في بعض الأشياء، حتى في حال المرض لا بد أن أخرج عن الالتزام بمواعيد الدواء، كي لا أشعر بأنني رجل آلي. الفزع من الحياة، والخوف من القادم، والتعلُّق باللحظة الجميلة، ومقاومة الوجع.. كلها عوامل تجعل الإنسان يُظهرُ كلَّ سخريته تجاه الحياة، فيبدو شبيهاً بمهرِّج يبكي من أعماقه، رغم الابتسامة الحمراء الكبيرة المرسومة على القناع الذي يرتديه.