عبدالمجيد التركي
ما جدوى أن تكون كاتب عمود يومي.. وما جدوى أن تكون شاعراً يعرفك القرَّاء في الخارج أكثر من الداخل، وتتم ترجمة قصائدك إلى عدَّة لغات.. وما جدوى أن يكون اسمك مُدرجاً ضمن "الموسوعة الكبرى للشعراء العرب"، أو يكون مُدرجاً ضمن "موسوعة أعلام اليمن"، وإلى جانب اسمك ترجمة وتعريف بك.. وجارك يخبرك أنه رأى صورتك في الجريدة.. صورتك فقط، دون أن يقرأ لك حرفاً!! في هذه البلاد، لا جدوى من أن تكون شاعراً أو تكون عالماً فيزيائياً.. لم يعد المكان شاغراً لكلِّ من يحمل رؤية بإمكانها أن تساهم في نهضة البلاد.. فالدولة أصبحت ترعى الكلافيت والمتقطِّعين واللصوص، وتمنحهم الملايين مقابل أن يسمحوا بإصلاح أنابيب النفط التي قاموا بتفجيرها!! ما جدوى أن تكون طبيباً مشهوراً وقد فقد المريض الثقة في كلِّ الأطباء، وأصبح يسافر إلى الخارج لطلب العلاج الذي قد يكون متوفراً في الصيدلية التي أمام منزله!! ما جدوى أن تكون فناناً تشكيلياً وقد امتلأت عقول الناس بفتاوى تحريم الفن؟ ما جدوى أن تفوز بجائزة رئيس الجمهورية وأنت عاطل عن العمل، ويمنحك الرئيس توجيهاً بالتوظيف، ويمر العام تلو العام دون تنفيذ ذلك التوجيه!! ما جدوى أن تقوم بثورة ويكون باسندوة واحداً من مخرجاتها!! ما جدوى أن تكون مواطناً ولا تتمتَّع بأدنى حقوق المواطَنة!! ما جدوى أن تنتمي إلى وطن يتحكَّم في كهربائه ونفطه وخيراته مجموعة من اللصوص وقطَّاع الطرق؟ كلُّ ما أنجزه الإنسان حتى اللحظة ليس سوى محاولة لتخفيف الألم.. ذلك الألم الوجودي الذي يجعلك تخرج لسانك ساخراً أمام هذه الحياة.. كأنك تدفع ضريبة باهظة لامتلاكك هذه الروح الشاعرة التي تجعلك تتألم نيابة عن البشرية.