اليمن اليوم

چاين ماريوت*
04 يناير، 2014م (ترجمة محمد العبسي) لاحظت خلال الأسبوع أو الأسبوعين الفائتين أن ثمة عزيمة تجددت كما يبدو لإنهاء أعمال مؤتمر الحوار الوطني، بالرغم من أنه لا يزال يدور جدل محموم حول ما يجب أن تتضمنه المخرجات النهائية: ما الذي يتطلب حسمه والاتفاق عليه بشكل نهائي الآن، وما الذي يمكن إنجازه بتفاصيله في وقت لاحق. ومع أنني كنت خارج اليمن لعدة أسابيع لقضاء الوقت مع الأهل والأصدقاء، إلا أنني كنت أسائل نفسي ما الذي أحب أن أراه في نهاية مؤتمر الحوار الوطني. ولربما يكون أوله الالتزام بحوار مستمر. جميعنا محبطون من العنف الذي نشاهده في سوريا ومصر وليبيا، وحاليا في جنوب السودان. ولربما يكون جنوب السودان تحذيرا على أن الانفصال ليس حلا سحريا للخلافات المناطقية. كما أنني منزعجة بشكل يتزايد من المواجهات العنيفة التي تنشب في اليمن – في صعدة وحضرموت والضالع ولحج وعدن. وسواء كانت هذه المواجهات الدموية تتم تحت تأثير النهاية الوشيكة لمؤتمر الحوار الوطني أم لا، إلا أنها لن تعالج إشكالات اليمن، ولا إشكالات الجماعات المتورطة فيها. في نهاية المطاف، سيتطلب الأمر معالجتها بالتفاوض والنقاش. كما أنني معجبة بالفكر والتفصيل الذي احتوته تقارير الفرق العاملة والتي ستقدم إرشادا لفريق صياغة الدستور. غير أن الأمر الثاني الذي أود أن أراه هو الالتزام بإنجاح العملية السياسية. جميعنا يود أن يرى ما الذي سيجلبه المستقبل – خطة، خارطة طريق أو دستورا. لكنني صرت أدرك أن تفاصيل العملية لا تكون أهم المسائل أحيانا. المهم هو التزام جميع الأحزاب والأطراف بإنجاح العمل وبما يصب في مصلحة الجميع. لست متأكدة مائة بالمائة من أنني قد لمست ذلك الالتزام من جميع الأطراف في مؤتمر الحوار الوطني – إذ يبدو أن الكثير مهتمون بتأمين مصالحهم الخاصة أو بأن تسود أطروحاتهم، أكثر من اهتمامهم بضمان نجاح العملية التي ستؤسس ليمن أفضل – حتى وإن كانت الخطة المنبثقة لا تتصف بالكمال، حسب وجهة نظرهم. وختاما، يجب أن يكون هناك التزام بتنفيذ الخطة، وأن يقف الناس في إسناد مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بفعالية. أخبرني الكثير بأن الدستور الحالي للجمهورية اليمنية ليس سيئا – وأن الأمور ساءت لخلل في التطبيق، أو أن التطبيق تم بطريقة تحابي البعض وتميزهم بينما أضرت بآخرين. وقد قالوا الشيء ذاته فيما يخص اتفاقية إعلان دولة الوحدة وكذا وثيقة العهد والاتفاق الموقعة في عمان عام 1994م. أستطيع أن أتفهم لماذا تريد مكونات مؤتمر الحوار الوطني خطة واضحة وضمانات لتنفيذها. الضمانات من الخارج لن تساعد كثيرا إذا لم يكن اليمنيون أنفسهم ملتزمين بتنفيذها وتحقيقها في الواقع، الضامن الحقيقي لمستقبل اليمن هو شعبه، والحاجة لأن يظهر جميع الأطراف أنهم مخلصون ويمكن الوثوق بهم. لست متأكدة من أننا قد بلغنا هذا حتى اللحظة أيضا. ساعد الحوار الذي تم في الأشهر الماضية على كسر الحواجز وبدء تضميد الجراح القديمة. لكن لا يزال هناك طريق يجب المضي فيه. يمكن لليمنيين أن يظلوا على ثقة بأن أصدقاءهم في المجتمع الدولي سيقدمون كل ما يستطيعون لمساعدتهم ومساعدة بلدهم على طول الطريق المتعرج نحو مستقبل أفضل. ولا يملك اليمنيون أن يفرطوا في التعاون غير المسبوق في إطار "مجموعة العشر". ولا الجهد الكبير لمساعد الأمين العام للأمم المتحدة جمال بنعمر، الذي يتعرض كثير اللإنتقاد لفشله في تقديم حلول متقنة عندما لا يتسنى لليمنيين بلوغ اتفاق حول مقترحات بناءة يكونوا هم مصدرها. نحتاج جميعا الاستمرار في التقدم إلى الأمام ونحتاج أن نقوم بذلك معا. *السفيرة البريطانية في صنعاء