عبدالمجيد التركي

 الإسماعيلية هي الطائفة الوحيدة التي لم يشتكِ منها أحد.. فهم لا يكفرون أحداً، ولا يقتلون أحداً لأنه يخالفهم الرأي والفكر، ولا يحملون سلاحا،ً ولا يسفِّهون معتقدات أحد، لأنهم يوقنون أن الدين محبة.. لم أكن طالباً في المعهد العلمي بصنعاء، لكنني كنتُ أرتاده منذ صغري، بحكم قربه من بيتي، وكنت أسمع مشايخ الإخوان المسلمين يشنِّعون على الفرقة الإسماعيلية ويصفونها بأوصاف لا تليق بمسلم، وأقنعونا أنهم كفرة وباطنية.. حينها لم أكن أعرف ما معنى "باطنية"، لكن هذه الكلمة كافية لتكفيرهم، فقد كان المشايخ يستعيذون بالله بعد نُطقها، بقولهم "باطنية والعياذ بالله".. ثم عرفتُ في ما بعد أن الباطن معرفة وعلم وفلسفة لا تستوعبها عقولهم السطحية. ذات مرة قاموا بتوزيع منشورات عن الباطنية، ووصموهم فيها بالكفر وبأنهم يقيمون ليلة "رفثية"، حسب قولهم، وأماكن تواجدهم في مسجد كذا ومسجد كذا، حسب ما جاء في المنشور.. فكيف يكونون كفاراً ولديهم مساجد يقيمون فيها الصلوات.. هكذا كنت أسأل نفسي!! بعد ذلك بوقت طويل تعرَّفتُ على أصدقاء إسماعيليين، واقتربت من تُجَّارهم في باب السلام، وكنت أتعامل معهم وأنا على يقين أنهم لا يعرفون الغش، ولا يحلفون الأيمان المغلَّظة.. وجوههم مضيئة، وملابسهم أنظف من قلوب الكثير من أولئك المشايخ الذين كانوا يملأوننا حقداً على هذه الطائفة. الإسماعيليون أناس عمليُّون، لا تجد بينهم فقيراً، فهم متكاتفون، ولا توجد لديهم جمعيات خيرية للنصب على الناس، ولا يتسوَّلون ويفرشون شيلانهم لأجل نصرة الإسلام، ولا تصل منهم رسائل sms تطلب التبرُّع بـ100 ريال لصالح فلان أو علّان.. ولا ينشرون أفكارهم أو يبحثون عمَّن ينضم إليهم.. لهذا تراهم يجسِّدون معنى "السلام" الذي يعيشونه، لأنه من أسماء الله.. مثل هؤلاء تـُرفع لهم القبَّعات.