اليمن اليوم

الاستخفاف بالثقافة وبالعلوم وكذا باسم الحاج المرحوم هائل سعيد أنعم يجعل المجموعة التجارية العريقة في اليمن تنفق على مهرجان تسليم جوائز السعيد في أبريل من كل عام أكثر من خمسين مليون ريال لتعطي الباحث أو الأديب الفائز جائزة سنوية قدرها "مليون ريال" يمني طبعا؛ وخمسه وخميسه في عيون اللي يحضر فعالية مهرجان السعيد السنوي وما يصلي على النبي. الدست أكبر من الغطى، ويخيل لي دائما أن العم "فيصل سعيد فارع" مدير عام المؤسسة يلعب - خلال الـ16 سنة الفائتة من عمر جائزة السعيد للعلوم والثقافة دور "سنبل" في مسلسل "رحلة المليون".. إذ يدعو- في كل عام - جيشا من المثقفين والأدباء والكتاب والصحفيين والباحثين والأكاديميين ليحضروا حفل توزيع الجائزة .. وناس تروح وناس تجي .. وباصات نقل وطيران وفنادق واستقبال ضيوف وصور تذكارية وتغطيات صحفية وتلفزيونية ولجان تحكيم وأطقم حراسة و"ونانات" وكلمات ترحيبية وخطابات وزحمة وصياح وآخر أفسح والجائزة "نيلون" . يااااوه والبخس . المشكلة أن الزبادي ارتفع سعره.. البسكويت ارتفع سعره ..الحليب ارتفع سعره.. السمن ارتفع سعره ..الزيت ارتفع سعره ..الأسمنت ارتفع سعره... البترول ارتفع سعره .. الديزل ارتفع سعره وجائزة إمبراطور الاقتصاد اليمني واقفة منذ 16 سنة عند مبدئها ؛ تغني "والله ما اتحلحل من المليون شبر". هو بصراحة ما عد فيش في هذه البلاد "المموحقة" شي ثابت على مبدأه غير "الخضعان" وجائزة المرحوم الذي يتم حشر روحه المثابرة والطاهرة في محل بخس. يحمد لهذه المجموعة -على أي حال- التفاتتها الخجولة للثقافة؛ لكن الحكاية -على ما يبدو - أنها مبدأ ثابت لدى ثلة من أبناء الحاج الذين لا ينظرون إلى شرائح المثقفين والمفكرين والباحثين والصحفيين والفنانين باعتبارهم قدرات مجتمعية تستحق العناية والتشجيع؛ بل ينظرون إلى هذه الشرائح باعتبارهم مجرد "أبناء الحاجة" مش أكثر؛ وهذا على عكس تعاملهم مع شرائح المبتزين والفهلوية والمبندقين؛ فهؤلاء بالنسبة إليهم "حمران عيون" ويمكن لأي واحد من أبناء هذه العائلة الكريمة أن يرفع أطرف مبندق وأطرف وضيع وأطرف نهاب وقاطع طريق مكانا عليا؛ ولكنهم يصبحون إلى الأدباء والمفكرين والمثقفين والفنانين وطاقات المجتمع الخلاقة والمكبوتة والكسيرة مجرد فاعلي خير؛ وليسوا صناع مهارات. ومادام الأمر كذلك فإنه سيكون من اللائق أن يتم إحالة نيلون جائزة السعيد للعلوم والثقافة في العام القادم عبر الجمعية الخيرية للحاج المرحوم هائل سعيد أنعم طيب الله ثراه؛ وكفى الله المؤمنين شر الزحام . [email protected]