تلهث خلف دبة بترول، وتقضي نصف يومك في طابور طويل، وأنت تسمع أخباراً عن اشتباك حدث في محطة بترول، أسفر عن سقوط قتيل، فتبدو وقفتك في هذا الطابور شبيهة بالمجازفة، لأجل أن تحصل على أدنى حقوقك، ولا تدري هل تتصل بأهلك وتخبرهم أن عليهم أن يأتوا إلى المحطة الفلانية إذا لم تعد مع غروب الشمس!!
في اليوم التالي تلهث بحثاً عن دبة غاز، وتلفُّ الشوارع لتخسر دبة البترول التي حصلت عليها بالأمس مقابل أن تجد دبة غاز!!
وككل مساء، تعود البيت وأنت تتحسَّس الجدران لكي تصل إلى غرفتك سالماً، وتنسى أن ترد التحية على أهلك، فقد اعتدتَ أن تكون أول كلمة تقولها هي: كم لهم مطفِّين؟
تأتي الكهرباء ولا تجد الماء، وحين يأتي الماء وتريد أن تشغِّل الدينامو تنعدم الكهرباء، أو تفشل الدينامو في شفط الماء إلى الخزان العلوي لأن الكهرباء ضعيفة.. وإن تم وصول الماء بالسلامة إلى الخزان فإنك ستفتح الحنفية لتغسل وجهك بالذَّحل، فالماء الذي يصل إليك هو لتسميمك وقتلك، وليس لأجل حياتك وحياة أبنائك.
تفكر قليلاً بعد كلِّ ضربة كهرباء أو تفجير أنبوب نفط، وتنتظر من الدولة اعتذاراً، أو وعداً بالقبض على الجناة والاقتصاص للشعب منهم، فتدرك أنك واهم بتفكيرك هذا، وتوقن أن الدولة متواطئة مع المخربين وقطاع الطرق، ولو كانت الدولة تريد لك الأمن والاستقرار لقامت بتحقيقه، لأنها صاحبة الأمر والقول الفصل، فالدولة هي أقوى من كل اللصوص والقتلة والمخربين، لكنها لا تريد أن تضع حلولاً جذرية لكل مشاكلك، ولم يحدث أن قامت بإنهاء أي مشكلة، رغم أن الانفلات الأمني سينتهي في يوم واحد لو أرادت الدولة ذلك.