لقد لمع كلُّ شيءٍ فصار ذهباً، وتحدثت الحقيقة بألف لسانٍ تغني الحاضر عنالشهود والغائب عن الحضور..
ومن المعلوم أن النار تصهرُ الأشياء المزيفة وتعيدها إلى جوهرها.. لكنيخشيتُ استخدامها في كشف تلك الحقيقة.. فربما كانت النار أيضاً مزيفة!!
لا شك أن صواريخ الأطفال- التي تطلقصفيراً حاداً- تنفجر وهي في منتهى النشوة.. فكن علىيقين أن «البرموس» يُحرق نفسه إذا ازداد عليه «الشِّدَادْ»..
آملُ أن لا تصل إلى تلك النشوة التي كنتُ على مشارفها، ولم أعُد إلاَّ بعدغربة طويلة في أعماقي حتى عرفتُ من أنا.. وما أكون.. فالعودة إلى الذات أصعب منالبحث عنها.
تتردَّدُ على ذهنك هواجسُ هلامية، لمعرفتك عن بعضنا تفاصيلَ صغيرةً قدتقصُمُ «ظهر حِمْيَرْ»، ولن يغادرك هُلامُ الهواجس إلاَّ بعد أن يُحَدثك كلُّلمعانٍ عن جوهره.. «فأقبح الصدق أن يمدح المرء نفسه».
آهٍ.. كم أشفق عليك وأنت وحيد في تلك الحديقة، لأنك لن تصدِّق أن جميعأشجارها بلاستيكية إلاَّ عندما يعضُّك الجوع.. قد أبدو- في نظرك فقط- طبيباًيداوي الناس وهو عليل، لإحساسك أننا معاً في تلك الحديقة.. لقد خرجتُ منها ولم يبقلي فيها سوى صورة (4×6) هي كلُّ ما يربطني بها.. أضف إلىذلك بعض الذكريات المؤلمة التي تجعل القلب يقطرُ كـ»حنفي ممحوق».
كلُّ شيءٍ حولك يبدو حقيقياً، ربما لأنكَ قرأتَ رسائل «إخوان الصفاء»..وربما أن إيمانكَ بأن «الأرواح جنودٌمجندة» جعلك لا ترى أسلحتها.. وعيناك فقط لاتكفيان لكشف الغطاء.. واعلم أن كلَّ فمٍ يتقاطرُ عسلاً لمَقْدَمك لا بد أن يُشهِرَألفَ إبرةٍ في غيابك.. بعكس النحل تماماً.. إذ لا يُرضيها إلاَّ وخز الحضور، حتىوإن دفعت حياتها ثمناً لتلك الصراحة.