لدينا مسميات كثيرة، لكنها بلا فعل يُذكر.
عدن عاصمة اقتصادية ومنطقة حرة، هذا أمر جيد، لكن لا يوجد في وجوه ساكنيها شيء من ملامح رغد الاقتصاد.. وهي أيضاً منطقة حرة ولا يوجد من ملامح «الحرة» فيها غير بحر مفتوح وحياة مغلقة في وجوه السكان وفي وجوه الزوار والسياح معاً.. حرة على موه؟ والله مالي علم.
إب عاصمة سياحية، وهي بالفعل مدينة ساحرة بخضرتها وبأنسامها خصوصاً في الصيف، لكن في إب كلها وهي واحدة من أكثر محافظات اليمن من حيث عدد السكان، ومع هذا في إب كلها لا يوجد حتى فندق واحد خمس نجوم، كل النجوم يلعبون كورة في الشعب والاتحاد. ولو بحث الواحد منكم عن إحصائية لعدد الذين تسوحوا في إب خلال عشر سنوات مجتمعة سيكتشف أن عدد أهداف لاعبي الشعب والاتحاد خلال موسم كروي واحد أكثر من الذين قصدوا هذه الدرة للسياحة.
تعز عاصمة للثقافة، وهي تستحق هذه التسمية والمكانة، لكن نظرة سريعة إلى حال الثقافة وحال المثقفين في هذه الحاضرة ستكون سبباً لكثير من التذمر والسخط. لا يوجد فعل ثقافي مستمر.. لا مسرح، ولا فرق موسيقية، ولا حتى مجلة ثقافية واحدة. لا مقاهٍ يلتقي فيها النخب، على الأقل، مثل قهوة «الفيشاوي» في القاهرة، واتحاد الأدباء في عاصمة الثقافة ميت سريرياً، ويمكن تحويله إلى مزار للموتى. وما تبقى من دور السينما أصبحت نهشاً للأتربة وللإهمال، ووحدها شهامة «الأقفال» تحرزها الآن كي لا ينتهي ما تبقى منها للطرف.
في تعز محافظ متمدن ويعرف جيداً أن صالات العروض هذه تحتاج إلى عقول مفتحة ومش محتاجة إلى مزيد من الأقفال..!
صنعاء عاصمة تاريخية، وما من تاريخ في الدنيا كلها تعرض للدكِّ وللإهمال مثل تاريخ صنعاء القديمة على الأقل.
المسميات عندنا كثيرة، لكن المدعممين أكثر.
الذي سمى بلادنا باليمن السعيد لم يكن قد عاش فيها بل قرأ عنها واحترمها. على عكس بلادنا قلة هم الذين يقرأون التاريخ، والغالبية يعرفون فقط أن اسمه تاريخ، لكن أيش في هذا التاريخ؟ الأمر لا يعنيهم، تماماً مثلما هي عدن عاصمة اقتصادية، وإب عاصمة سياحية، وتعز عاصمة للثقافة، لكن أيش تعني تلك التسميات؟ والله مالهم علم، المهم تسمية ويجزعوا الطريق!