القاضي والقيادي الإخواني مرشد العرشاني، وزير العدل، عين ابنه محمد منسقا لمشروع مكتب الأمم المتحدة عن الجريمة والمخدرات، ومن قبل استخرج من باسندوة قرارات تعيين مديرين عموميين من قرابته، ثم خصهم بمنح دراسية في الخارج، ويا مفرق بالمرق أهل بيتك أحق.. والأمين العام المساعد لحزب الإصلاح، محمد السعدي، وزير التخطيط والتنمية، استغل منصبه لتمكين شركات أخيه وشركائه من عقود شراء الطاقة الكهربائية، التي كلما اشترت الحكومة منها أكثر توسعت رقعة الظلام.. ووزير المالية صخر الوجيه عين بعض أولاده في مصالح إيرادية، ومن ولي على بيضة يأكل منها، وهذا الجلمود فاق وزراء الإصلاح في كثرة تعيين الإصلاحيين، ومن نزاهته زاد عيّن مدانين قضائيا بجرائم فساد، بعد أن عزلوا بسبب تلك الجرائم.. ووزير الكهرباء والطاقة صالح سميع لم يكتف بفشله، وفساد عقود شراء الطاقة التي أبرمت في أوقات المساء، بل اتخذ من ضرب شبكة الكهرباء، فرصة ثمينة، وصير ابنه مورد مواطير، وهي تجارة مربحة، بدليل أن لا أصوات تعلو في العاصمة والمدن، ليلا ونهارا، إلا أصوات المواطير.. واستغلال المناصب الوزارية لتحقيق مصالح شخصية وعائلية وحزبية غير مشروعة، لا يقتصر على من سبق، بل يشمل وزراء التربية والتعليم، ووزير حقوق الإنسان، وآخرين من الثوريين الذين كانوا يزعمون أنهم خصوم الفساد والعائلية والإقصاء.
وزراء المؤتمر الشعبي وحلفائه لا يجارون هذه النزعة العائلية الثورية، وهم غير مساهمين فعالين في هذا النوع من التوفيق الذي تعرف به حكومة الوفاق، ولذلك تسببوا في اختلال التوازن، وفضح زملائهم أمام شباب ما سمي الثورة السلمية، ولاستعادة التوازن عليهم أن يكونوا موفقين، لتستقيم أمور التوافق العائلي من أجل الوطن.. وبدلا من بقائهم شهوداً على الفساد الثوري، وشهوداً على الإقصاء الوطني، وشهوداً على التعيينات العائلية، فعلى الأقل يشوفوا مصالح عيالهم، ففي الأخير، مصلحة العيال من مصلحة التوازن الوطني.
هناك فرص كثيرة للتعيينات العائلية.. دول ليس فيها سفراء، أو في السفارات نقص دبلوماسيين، وهي فرصة لوزير الخارجية مثلا، ووزير النفط يستغل أزمة النفط، ورفع الدعم عن ديزل ونفط الشركات والمصانع، ويفعل مثل ما فعل وزير الكهرباء، ووزير الصحة يعين ابنه منسقا لدى منظمة الصحة مثلما فعل وزير العدل.. وهكذا.. ولو فعلوا، فسيطيبون نفوس الشباب الذين ظنوا أنهم خرجوا، لإسقاط النظام، وإحداث التغيير، واجتثاث الفساد، وصاروا اليوم غاضبين ويشعرون بالحزن، عندما يرون وزراء الأحزاب الثورية يحصدون غنائم خروجهم إلى الشوارع والخيام.