افتح زجاج نافذة سيارتك المعكّسة للضوء والهواء ،ولا تغلق عينيك أمام طفل متسخ بائس، الجوع يطحنه .. فلعل وراءه حكاية تؤكد أنه ليس مرسلاً بالضرورة من شبكة تسول كما تعتقد وإنما هو ضحية اليتم أو صلف الأب أو عقدة امرأة احتلت مكان أمه.
• نعم .. الله كريم رغم أنوفنا جميعاً ولكن.. لا تدمنها .. تأمل في الوجوه قبل أن تنطق بها كلما ساءلك سائل.. أمامك أطفال يعانون الحرمان ويفتقدون للرعاية التي تطعمهم من جوع ،ويحتاجون للرعاية البدنية والنفسية والاجتماعية .. ويعانون ظلم ذوي القربى وفساد المؤسسات وافتقاد المجتمع لحسنة التكافل .
• هذا الطفل بملابسه المتسخة الممزقة لا ينبغي أن يدفعنا للتأفف ونحن نرفع الأصبع السبابة استعجالاً لأن يغادر المكان.
• ثياب أولئك المتسولين الصغار رثة ومتسخة بالقياس إلى أطفال قمت للتو بتوصيلهم إلى مدرسة خاصة تأخذ أجورها بالدولار ،لكن النفوس سواء عند الله، ورب أشعث أغبر لو أقسم على الله لـ أبرّه..
• لننهب الشوارع بسياراتنا فهؤلاء المتسولين الصغار ومعهم طاعنين في السن لا يمتلكون أطقم شرطة تمكنهم من اللحاق بنا.. هم فقط يكسبون رزق وجباتهم في لحظة توقف يفرضها شرطي المرور ولا داعي لأن يضيق صدرك هرباً من موقف إنساني ثمنه ريالات لن تسمن اليد العليا والسفلى معاً.
• في شوارع اليمن طفولة مندثرة وصغار كثر ليسوا في الحقيقة سوى ضحايا لأوضاع لابد أن لنا جميعاً نصيب منها .. البعض يتسول والبعض الآخر يقومون بأعمال تشكل خطراً على حياتهم فيما المؤسسات تمارس فائض الكلام وعجز الموقف.
• وكلا .. لا يظن كبار القوم أنهم بمأمن عن تداعيات أطفال تم الدفع بهم إلى الشوارع وليس إلى المدارس أو حتى المتارس ويعيشون حياة الذل والهوان واليأس العميق.
• الطفل لا يولد منحرفاً ولا متسولاً وإنما يأتي حصاد رغبة سوية أو حتى منحرفة ولا يجوز أن يترك نهباً لثنائية الفقر والجهل أو الرعونة ،فماذا ننتظر من صغار يعيشون طفولة معذبة ومتشردة غير التحول إلى قنابل للسرقة والقتل وإشاعة الرعب وما إلى ذلك مما تنتهي إليه حياة التشرد.
• لقد اتسعت كتلة الطفولة المندثرة البائسة وكلاهما الحكومة والمجتمع أمام طريقين.. إما حماية الصغار من حياة الحاجة والفاقة والتشرد أو انتظار انفجار القنابل الموقوتة ..
• ودائماً يجب أن لا ننسى قول الله الكريم.. فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر .