أين الذين أعلنوا استقالاتهم يوم جمعة الكرامة.. وأين الذين منحوا الشباب في ساحة التغيير براءة الاختراع.. وأين الذين جاءوا بطيورهم ونجماتهم ومناصبهم ليعلنوا استقالاتهم وانضمامهم إلى صفوف ثورة الشباب.. وأين الذين قطعوا عهداً أنهم سيتنحَّون عن مناصبهم بعد أن يرحل علي عبدالله صالح، ويكملوا مهمة حماية الثورة.. هذه الحماية التي كانت نتيجتها فاجعة جمعة الكرامة، ومذبحة بنك الدم، ومجزرة كنتاكي، ومجزرة شارع التلفزيون.. وأين القنَّاصون الذين تم القبض عليهم يوم جمعة الكرامة وإيداعهم سجن الفرقة الأولى مدرع، سابقاً.. وأين أهالي الجثث المجهولة التي تم إخراجها من ثلاجة مستشفى العلوم، ودفنها في ظروف غامضة!!
أين الثوار الشباب الذين لم يكن لهم أي هدف سوى الوطن، ولم تكن لهم أية أيديولوجيا تحكمهم أو تسيِّرهم سوى التغيير إلى الأفضل!!
هؤلاء الشباب الذين حملوا رؤوسهم في أيديهم فقُتل منهم من قُتل، وجُرح الكثير منهم وتعفَّنت جراحهم وهم بانتظار التفاتة من الحكومة، واعتصموا بجراحهم وآلامهم أمام رئاسة الوزراء وتم الاعتداء عليهم وضربهم، وكان جزاؤهم من حكومة الوفاق جزاء سنمار، وتمّ علاج بعضهم بعد منٍّ وأذى.
أين المشايخ الذين كانوا يتحدثون عن دولة مدنية، وهم لا يعرفون أن المدنيَّة ستسلبهم كلَّ امتيازاتهم؟
أين الذين كانوا يأتون بالأحاديث والفتاوى ليشرعنوا بها كلَّ ما حدث من القتل والفوضى.. لماذا سكتَتْ مواعظهم تجاه كل هذه الجرائم التي لم يصدر منهم أدنى استنكار إزاءها!!
كلهم اليوم يتفرَّجون على المنزلق الذي وصلت إليه اليمن، لأنهم مستفيدون من هذا الوضع ويتاجرون به، ويتسوَّلون بآلام هذا الوطن الذي أصبح شبيهاً بصناديق الجمعيات الخيرية التي تقف على مداخل المساجد والمستشفيات.