كان الإخوان في حزب الإصلاح يخاطبون الجميع بمسكوكة "كسر حاجز الخوف".. منذ كانوا في المعارضة، وإلى أزمة 2011، كانوا يقولون لأي متظاهرين أو معتصمين من أجل مطالب حقوقية: لقد كسرتم حاجز الخوف.. ومن كان إلى جانبهم، ممن لعبوا بهم، ولعبوا عليهم في أزمة 2011، قالوا لهم: أنتم الشعب الذي كسر حاجز الخوف، انظروا الآن إلى المواطن يتظاهر بلا خوف، والمثقف يمارس حرياته بلا خوف، والموظف والعامل والطالب، وحتى المكنِّس، كلهم يتكلمون بلا خوف، ويطالبون بحقوقهم المشروعة وإسقاط الحكومة، بلا خوف.. لقد كسرنا حاجز الخوف، وصرنا نتصرف بإراداتنا الحرة، فيا محلى الحرية! وأحرار أحرار إلى الأبد، وبلا خوف.. وفي الحقيقة لم يكن الناس خائفين، ولم يكن هذا الشعب جباناً في يوم من الأيام، ولكن هذه هي طبيعة الإخوان، فهم يزدرون الشعب.
لكن ما أن وصل الإخوان إلى السلطة، غيَّروا الصَّحن واللَّحن، وصاروا المقاولين الحصريين في بناء حواجز الخوف والتخويف، وكشفوا عن عدم إخلاصهم لمصالح الناس، وعدم ثقتهم وإيمانهم بالديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحرية التجمع والتجمهر، وحرية الرأي والتعبير.. هذا وهم جزء من السلطة، فكيف لو كانت كلها لهم؟.. يشهرون الكروت الحمر، ولافتات التخويف والتهديد في وجوه الجميع.. فالمظاهرات السلمية انقلاب، مسيرات حركة 11 فبراير انقلابية، ومظاهرات شركائهم السابقين "جبهة إنقاذ الثورة" انقلاب، ومظاهرات 15 يناير انقلاب وثورة مضادة، والمتظاهرون في الجنوب انفصاليون عملاء لإيران، والمطوبرون أمام محطات النفط والمحتجون على قطع إمدادات الكهرباء والبترول والديزل والغاز والماء انقلابيون.. الموظفون الذين كانوا يعتصمون قبل وصول الإخوان إلى السلطة للمطالبة بحقوق وظيفية قانونية كانوا بنظر الإخوان يمارسون حقوقاً مشروعة، وهؤلاء الموظفون هم هم المظلومون في العهدين يعتصمون اليوم من أجل تلك الحقوق، وبنفس الأسلوب، لكن لأن الإخوان صاروا في السلطة يدمغون الجميع بدمغة التخويف: مخربون، فلول، ثورة مضادة، مجموعة عناصر حوثية مؤتمرية انفصالية بلطجية.. الذين يحتجون على فقد المياه في حيهم، قطاع طرق، والمضربون عن العمل متآمرون على الحكومة.. وهذا كله يريكم عداوة الإخوان لكلِّ من ليس إخواني، كما أن هذا النوع من التخويف يُراد منه سلب الحريات وتكميم الأفواه، وتجريم التجمُّع السلمي.. لما كان بعض الناس مع الإخوان، كانوا يقولون لهم أنتم الشعب، أنتم من كسر حاجز الخوف، سيروا ونحن مجرد ملحقين نسير خلفكم، واليوم بعد أن وجد الإخوان أن أولئك المخدوعين تنبهوا، وتخلوا عنهم، يقول لهم الإخوان: خونة.