أيام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان المبارك.. أيام قليلة تستعد القنوات الفضائية خلالها لجلب مشائخ وطباخين.. إذ أن معظم القنوات تقلِّص كلَّ برامجها وتقتصر على الفتاوى والطبخ، لعلمها أن المغفلين الذين لا يدركون معنى الصيام وأسراره يحتاجون لمثل هذه البرامج التي تفضح العقل العربي وتعرِّي طريقة تفكيره، أمام الآخر الذي يحمد الله من كل قلبه أنه ليس عربياً.
كلنا نسمع سخافات الفتوى في رمضان، ونرى هؤلاء المشائخ التجاريين وهم يصرفون إجابات معلَّبة وجاهزة، ولديهم لكلِّ سؤال جواب يرضي ميولات السائل وانحرافاته التي يبحث عمَّن يشرعن لها في هذا الشهر الكريم.
تجد من يسأل عن حكم التقبيل في نهار رمضان، مع أنه طوال السنة لا يقبِّل زوجته، وليس بينه وبينها أي رسول.. وتسمع من يسأل عن حكم من استيقظ وأكل دون أن يدري ثم عاد إلى نومه، وكأن هذا السائل الأحمق لا يعيش في القرن الحادي والعشرين، عصر المعلومة والانترنت!! وكأنه لا يدري بأبسط القواعد التي تقول إن الله رفع القلم عن الناسي والنائم والمجنون!!
من أسخف الفتاوى التي سمعتها في حياتي، اتصل أحدهم إلى إحدى القنوات وسأل الشيخ الدكاكيني قائلاً: ما حكم مضاجعة الزوجة حديثة الوفاة!! يا للهول.. أي شذوذ هذا، وأي استهتار بحرمة الميت!! والأكثر شذوذاً هو الشيخ الذي أجاب بما يريد هذا الشاذ أن يسمعه!!
لقد بلغنا من الانحطاط مبلغاً يجعل الناس ينفرون منا حين نكون في بلدانهم، فما دامت هذه طريقة تفكيرنا التي نصبغها بصبغة دينية، فما الذي سيقنع الآخر أننا ننتمي إلى سلالة إنسانية واحدة ونحن نستبيح كل شيء، باسم الله وباسم الدين!!