لم يفلح أداء القسم بالعربي أو الكردي وفشل مجلس النواب العراقي في تفكيك الألغام التي أحاطت به يوم أمس.. • كانت البداية مشادات كلامية طاحنة دفعت أكبر الأعضاء سناً لرفع الجلسة لنصف ساعة، أملاً في تبريد الأعصاب، لكن المجلس شهد مغادرة أخلّت بالنصاب ليتم تأجيل الجلسة أسبوعاً من باب لعلهم يجتمعون وينتخبون رئيساً ونائبين للبرلمان.
• والمفروض- عرفاً وليس دستورياً- أن يكون رئيس البرلمان سنياً ورئيس الحكومة شيعياً ورئيس الجمهورية كردياً، ولكن كيف حتى لهذه المحاصصة أن تنجح رغم غرابتها في أوضاع عراقية وصلت من البؤس أن أعلن مقدم أحد البرامج في تلفزيون BBC دهشته من أنهم كلما فتحوا حواراً حول الأوضاع في العراق يتحول إلى نقاش طائفي.
• ويسأل معظم العراقيين: ما هو الجديد؟ كل الذي عملناه خلال زمن ما بعد الغزو الأمريكي للعراق أننا أسقطنا صورة صدام حسين ورفعنا صوراً عديدة لاستبداد ليته جنَّب العراق هذا المشروع التفكيكي، رغم أن العراق دولة اتحادية فيدرالية، وهو ما يبدو أنه مجرد خطوة في الطريق لإعلان ثلاث دويلات سنية وشيعية وكردية في أحسن الأحوال.
• أما المفاجئة الماحقة فهي أن التفكيك الأمريكي لجيش العراق واتخاذ الحكام الجدد سياسة الإقصاء والملاحقة مثَّل دعوة لداعش، وهكذا فإن الإقصاء لن يأتي إلا بنموذج داعش، حيث تسقط المدن والمناطق من داخلها، وهكذا لم تقدم الديمقراطية التي جلبها الأمريكيون للعراق إلا بالمالكي وكل حمامات الدم التي لم يتوقف نزيفها.. ولن..
• ما يثير الغضب هو الموقف الأمريكي الذي عزز عند المالكي عدم الفهم بأن فكرة الطرف المنتصر في أي بلد هي مغالطة وحماقة، لأن الضربات بدون حل سياسي لا معنى لها، وهذا ما قاله جون كيري من باب كلمة الحق التي يراد بها باطل المتنصل انتظاراً للمزيد من الانهيار في العراق، ليصل الأمر حد استنجاد وزير الخارجية الأمريكي بكردستان ورهانه على البشمرجة للتقليل من خطر داعش، خاصة بعد سيطرة المسلحين على مساحات كبيرة من شمال وشرق وغرب العراق، وإعلان أبو بكر البغدادي خليفة، وسط غرق العراق في فوضى أمنية وسياسية عارمة.