سقطت الطائرة، وحدث ما حدث من رعب ودمار وموت وخراب ديار.. وانتهى الأمر.. وعاد الدفاع المدني إلى قواعده سالماً..
صباح اليوم التالي لسقوط الطائرة تأتي سيارة إسعاف لتقف على باب ذلك البيت المهدوم.. كنتُ حاضراً وقلت في نفسي: هل جاءت هذه السيارة لإخراج جثث نسيها الدفاع المدني؟ وما حاجة الجثث لسيارة إسعاف.. وكأنهم سيذهبون بها إلى المستشفى لمحاولة نفخ الروح فيها!!
كان بإمكان الدفاع المدني أن ينقذ حياة هاتين الجثتين اللتين نسيهما حتى اليوم التالي لو أنه قام بواجبه على أكمل وجه.. لكن يبدو أنهم مستعجلون على موعد القات.. لأن الحادث كان في وقت حَرِج بالنسبة لليمنيين.
ذهب الدفاع المدني ونسي جثتين، وكأن عمله يقتصر على ما يراه أمامه فقط، لأنه لا يكلِّف نفسه بالبحث والتنقيب ورفع الأنقاض.. لكن الدفاع المدني عندنا مشهور بالـ"كلْفَتَة"، رغم أن مهمته يجب ألا تكون كذلك، لأنه يتعامل مع أرواح ناس ولا بد أن يكونوا أمناء عليها.
معروف عن سيارات المطافي أنها تظلُّ دون ماء بعد أن تفرغ ما في خزانها وتعود إلى الحوش بانتظار حريق آخر.. ففي كلِّ كارثة يكون أصحاب الـ "وايتات" هم الأسرع لنجدة الناس، كما حدث في احتراق برج اليمنية قبل سنوات.
ما حدث في كارثة تحطم الطائرة جعلني أتذكَّر كارثة قرية الظفير، فبعد نصف شهر من الكارثة أطلَّت علينا بعض الصحف بخبر اكتشاف جثتين في الظفير.. يا سلام!! وكأن الخبر يتحدث عن مومياوات تم اكتشافها وليس عن إهمال الدفاع المدني الذي لا يُتقن عمله.
يا لها من سخرية.. ويا له من استهتار بالحياة.