* بالفعل لقد أذلّ الحرص أعناق الرجال وأفسد الطمع قواعد الإيمان والمنطق.. فضلاً عن خيانة العيش والملح.. فالذين كانوا بالأمس يقولون لنا : حرِّية سقفها السماء.. صاروا لا يطيقون حرِّية تطاول سقف خيمة لم تنزع بعد.
والذين كانوا لا يتركون شاردة فساد أو واردة عبث حكومي إلاَّ وفضحوها وأضافوا الكثير من البسباس الحيمي صاروا يدافعون عن فساد هذه الحكومة باستماتة ذلك الذي يصرّ على حجب أشعة الشمس بالمنخل حتى أن أحدهم لم يجد ما يبرِّر لباسندوة غير القول : إنه يتحرَّك على أرضية لزجة.
* يكذب هؤلاء كما يتنفَّسون.. وطزّ في القول النبوي الذي ينكر على المؤمن أن يكون كذَّاباً.. وتدفع باللوم إلى وجه أحدهم فيقول لك : أنت تستكثر علينا تغيير المواقف.. هذا شأن السياسة.
* الارتداد عن المواقف المتصلِّبة تجاه ما كانوا يعتبرونه فساداً وعبثاً يصيب الناس بالكثير من خيبة الأمل والكثير من الإحباط واليأس.
* كانوا يقولون لنا بأن الفساد كفر والفوضى زندقة.. فصاروا اليوم يبرِّرون لفسادهم بأنه مجرَّد تغيير في المواقف تقتضيه قواعد السياسة والصراع على السلطة.
* اليوم نراهم يضيقون ذرعاً بالصواب ويستبسلون في وضع الأصباغ على كل ما هو بشع ولا يعلق به كريم الأساس.. صاروا يخرسون كل صوت يطالب بمغادرة الحكومة حتى وهي فاشلة.. في مراوغة ترى حتى الردَّة مجرَّد انفصال حميد وليس خبيثاً مع أن التشظِّي هو التشظِّي.
* ولا أظنّها إلاَّ مدرسة قناة «الجزيرة» في تحويل الكذب إلى حقائق على النحو الذي أخرج المستشار المصري أحمد الزند، رئيس نادي القضاة هناك، عن توازن القاضي وقوة شكيمته.
* لقد نقل له شخص ثقة بالهاتف أن قناة «الجزيرة» أوردت خبراً مفاده أن حوالي ثلاثين قاضياً حضروا الاجتماع الذي كان جزءاً منه.. ولمَّا كان آلاف القضاة حاضرين لم يتمالك الرَّجُل أعصابه فانطلق إلى المايكرفون.. وعلى الهواء أطلق وابلاً من الشتائم التي لا تليق.. لكنه ردّ الفعل الإنساني لرئيس نادي القضاة وهو يرى قناة منبر مَنْ لا منبر له تكذب على الهواء في قضية حضور على الهواء أيضاً.
* وما يزال مزاد الكذب عندنا على أشدّه.. نتحدَّث عن مناخ استثنائي ولا نعترف بالحاجة إلى حكومة استثنائية.. نسرد فضائل الحوار ونلقي المزيد من النفايات السامَّة في مناخ الحوار.
* هذه المفارقات من الكذب الصارخ وقودها شباب الأحزاب.
شباب مستقلّ لا مكان له في المشهد ما لم يكن مؤطّراً بالباطن.
شباب إصلاح مطلوب منه أن يكون تحت الطلب والطاعة العمياء.
شباب حوثي يلفّ حول نفسه الشعار.. فيما هناك ما هو أحقّ في احتلال أولوية النضال وشباب مؤتمري لم يعرف أين يضع أقدامه.. فأعلن معظمه بأنه لم يستوعب شيئاً ولسان حاله : لقد دخلنا ليلاً وخرجنا ليلاً ولا من كهرباء أو شموع.
* الفجور مستمرّ والكذب على أشدّه.. وعلى المتضرِّر التسليم بالقَدَر بسبب غياب القضاء.
ولا عزاء للسذاجة.. الطيبة سابقاً!!