* الإقناع ليس سهلاً.. خاصَّةً والناس في العادة ينقسمون في القضايا إلى ثلاثة أقسام : صنف مؤيِّد.. صنف معارض.. ومحايدين.. وغالباً فإن الأمور محكومة بنوع القضية وخطورتها ومستويات التفكير الناقد.
* وإذا كانت توجيهات الرئيس عبدربه منصور هادي بمنع الطلعات الجوِّية فوق المدن واضحة ومفهومة فإن ما ليس مفهوماً هو هذه المواقف الرسمية التي حاولت وتحاول تفسير ما حدث للطائرة سخواي التي سقطت فقتلت وأحرقت ودمَّرت فلم تزد رؤية المراقبين والمهتمِّين إلاَّ تشويشاً وضبابية.
* قالوا بأن كابتن الطائرة - رحمه اللَّه - كان في طلعات تدريبية.. ولم يقولوا لنا هل من قواعد الطيران أن تطير طائرة بطيَّار واحد.. خاصَّةً إذا كانت في مهمَّة تدريبية.. «سؤال حائر من غير متخصِّص» أليس تعميم الفائدة يقتضي أن يكون هناك أكثر من شخص تعميماً للمعرفة التدريبية؟!
ثم هل فكَّر هؤلاء بما يمكن أن يحدث لو أصيب قائد الطائرة الوحيد بانتكاسة صحِّية بشرية؟
* قالوا بأن الطائرة تعرَّضت لانهيار نظامها.. فانهار الطيَّار.. وأنه ارتكب خطأً قاتلاً.. بعض التفسيرات تزيدك تشويشاً في الوقت الذي تبحث فيه عن إيضاحات تبرِّر للكارثة.. كيف ينهار نظام طائرة ثم نقول بأن الطيَّار ارتكب خطأً فادحاً؟ فعلاً ليس أسهل من القول : المرحوم كان غلطان.
* في لقاء رئيس الحكومة باسندوة مع قيادات عسكرية جرت مناقشة آلية توفير الرعاية الطبِّية لمنتسبي القوَّات الجوِّية وفي المقدِّمة الطيَّارون لتفادي الكثير من الخسائر في الأرواح والممتلكات.. وهنا يدور سؤال : كيف يكون الجمع بين الحديث عن انهيار نظام الطائرة وبين التشكيك في حالة الطيَّار؟
* شيء طيِّب أن نتحدَّث عن الحاجة لتجهيز مركز متخصِّص لفحص الطيَّارين وتزويده بالمعدَّات، وسيكون طيِّباً لو كان عندنا مراكز أخرى لفحص السائقين في السماء وعلى الأرض وفوق سطح البحر.. لكن تساقط كل ذلك العدد من الطائرات يحتاج إلى مراجعة مسؤولة تجمع بين مراكز فحص الطائرة والطيَّار معاً.
* ولا يساوي غرابة غموض ما حدث للطائرتين العسكريتين سخواي وإنتينوف وسابقاتهما إلاَّ ما أوردته وكالة خبر عن تحطُّم طائرة مدنية من نوع إيرباص 310 وهي على أرض المطار حتى أنها خرجت عن الجاهزية وصارت تحتاج إلى ملايين الدولارات.. طائرة تسقط وهي على قرن رافعة.. يحدث هذا في اليمن.. حيث كل شيء جائز حتى التشبيب بالعجائز.
* لقد اجتهد أصحاب الرأي تحت الشعور بالألم من خسارة الأرواح والطائرات والمنازل والمقتنيات.. وربَّما بدت الأفكار غير علمية.. غير مدعومة بأدلَّة.. ولكن كيف للعقول الراصدة أن تنفتح وتكون أكثر إقناعاً ونحن أمام حوادث كثيرة وغريبة وتفسيرات لا تقنع بقدر ما تضلِّل التفكير الباحث عن الوضوح.. وهو ما يقود إلى المزيد من التوتُّر والقلق من تكرار الكوارث وسط غياب مستمرّ لكل ما له علاقة بالوضوح واليقين.
* الناس يبحثون عن الحقّ.. والحقّ، كما قال حكيم، يحتاج إلى طرفين : طرف ينطق به.. وطرف ثانٍ يفهمه.
نسأل اللَّه السلامة.