* المواطن في المحافظات الجنوبية كان يتطلَّع لأن تنعكس الوحدة على حياته المعيشية ويرى خيراتها على وجوه أطفاله وليس في طريق أو منشأة فحسب.
* وَمَنْ يعود إلى إرشيف الصحف الحكومية خلال فترات زمنية غير قصيرة سيلاحظ أن الرئيس السابق علي عبداللَّه صالح انشغل بالكثير من المشاريع الخدمية وفي مقدِّمتها الطرق.. ولم تكن المشاريع الرياضية في خليجي 20 إلاَّ مثلاً.. وكان الأمر ملاحظاً ومثيراً لبعض التعليقات كلما تعثَّرت مشاريع في المحافظات الشمالية.
* ولست متأكِّداً كمراقب هل كان ذلك يتم استرضاءً وتعويضاً عن أمور أفضت إلى ما نسمِّيه اليوم بالقضية الجنوبية؟ أم لإدراك بأن جنوب الوطن كان بحاجة ماسَّة إلى شيء من بنية تحتية افتقدها بسبب انشغال زمن الشمولية الاشتراكية بالشعارات؟ وحول هذه النقطة سيكون جيِّداً لو تصدَّت جهة محايدة لإطلاع الرأي العام على ما تحقَّق في جنوب الوطن بعد الوحدة وبالأرقام.. ليس انتصاراً لشخص أو أشخاص.. وإنَّما إنصافاً للحقيقة واحتراماً للتاريخ.. وليس مهمَّاً إن كان ذلك كثيراً أو قليلاً.
* أمَّا الشاهد في هذا الطرح المسكوت عنه لأسباب تتَّصل بحساسية بعضنا تجاه مثل هذه القضية.. فهو أن الرئيس عبدربه منصور هادي - كما اتَّضح من نشاطه الأخير في المحافظات الجنوبية - يسير على ذات النهج في ما يتعلَّق بالالتفات إلى ما تخرَّب من المنشآت بسبب الأحداث التي أضرَّت بعدد كبير من المنشآت العامة والخاصَّة.
* والحقّ أنه لم يكن للقضية الجنوبية أن تتعاظم إلى الحدّ الذي جعلها عقدة مستحكمة تتصدَّر القضايا التي ستعرض على مؤتمر الحوار الوطني الذي ينطلق في 18 مارس الجاري.. لولا الإحساس الشعبي الجنوبي العميق بأن الوحدة لم تحقِّق للناس طموحاتهم في الإمساك بمتطلَّبات الحياة من فرص السكن والعمل والخدمات التعليمية والصحِّية، وما إلى ذلك من المشاكل التي أحدثتها سلسلة من الفرجة على أخطاء ما كان يجب أن تستمرّ.
* ولم تكن المشاريع التي جرى افتتاحها كافية للتعويض عن إحساس المواطنين بالغبن وهم يشاهدون التسابق على الأراضي دون وجه حقّ وتنامي الأوضاع الفاسدة وزيادة تعقيدات العيش الكريم.. فضلاً عن غياب القانون وتعميم القيم المتخلِّفة مثل الرشوة والقات والسلاح.. وهو ما لم يكن موجوداً في زمن ما قبل الوحدة على ما فيه من الأدران الأخرى.. وفي مقدِّمتها ثقافة الركون على الدولة وتواضع الإرادة الفردية لاقتناص فرص الكسب على طريقة المواطنين في الشمال الذين لم يتركوا فرصة عمل وكسب في أيِّ مكان داخل اليمن إلاَّ وتمسَّكوا بها.
* إِذَاً.. فالقضية الجنوبية لن تحلّ باللجان ولا بافتتاح المشاريع وأحجار الأساس.. وإنَّما بجهد حكومي ينعكس على حياة الناس ومعيشتهم.. وهو ما يتطلَّع إليه مواطنو الجنوب والشمال وكل الربوع اليمانية!!