ذات يومٍ سيصبح ما نعيشه نحن الآن ثراثاً قديماً، وسيقول من سيأتون بعدنا باستغراب وشفقة:
كان أجدادنا في الأعياد يبعثون لبعضهم رسائل هاتفية للتهنئة!!
لأن رسائل الموبايل ستصبح بدائية جداً..كما نرى الآن بدائية صناديق البريد والفاكس.
سنصبح أطيافاً، ونشاهد - بعد أزمنة- كلَّ ما لم نكن نتوقعه الآن أو نصدقه..
هل سيتأتَّى لنا أن نشاهده، وندرك فعلاً - بنفس إدراكنا العقلي الآن - أنه مختلف عمَّا نعيشه الآن؟
أعتقد لا يمكن أن ننتهي بمجرد أن نموت هكذا بكلِّ سهولة، ربما سنعود مرة أخرى وأخرى وأخرى.
فالعمر لا يكفي لأن ننجز كلَّ ما نريده..
لكن: هل سيكون لنا نفس الإدراك العقلي الذي ندرك به الحياة الآن، أم أن استمرار الروح لا علاقة له بتطور العالم!!
أقصد هل تعود الروح!! هل ستستقبل العالم بنفس دهشة الاكتشاف الأول الذي نحسُّه في حياتنا الحالية؟
هل سنكون بنفس الإدراك.. أم سيكون إدراكنا كبيراً بعد تحرُّرنا من قفص الجسد السابق والأيديولوجيا التي كانت تحكمنا وتتحكَّم فينا..
سيكون العالم حينها أشبه بالخرافة..وسيكون آلياً إلى حدٍّ بعيد.
كم ترعبني تلك الأفلام السينمائية التي تحكي عن المستقبل..
تصوِّره لا إنسانياً بشكل رهيب، صحيح أنها مجرد توقعات لكن لا بد أن فيها جانباً من الحقيقة..
ما زلت أشعر بغربة المدينة حتى الآن، فكيف بالمستقبل..
حين أتيت إلى المدينة وعمري ست سنوات كان أول ما لفت نظري هو تاريخ الانتهاء المكتوب على قنينة المياه المعدنية..
فتساءلت: هل ينتهي الماء !!