يوم أمس الأول اعتبر تقرير للأمم المتحدة عمل الطائرات الأمريكية من دون طيار انتهاكا للسيادة الباكستانية، ولم يتحدث التقرير عن اليمن وسيادته، رغم أن الأجواء اليمنية مفتوحة على مصارعها للطيران الأمريكي والسعودي منذ عامين.
قبل ذلك تقدمت الحكومة الأمريكية باعتذار للحكومة الباكستانية بعد غارة خاطئة قُتل فيها عدد من المواطنين، ودفعت تعويضات كبيرة، وهو ما لم ولن يحدث في اليمن، رغم كثرة الأخطاء وكثرة الضحايا، مع أن التدخل الخارجي العسكري خطأ في حد ذاته ويتطلب أكثر من اعتذار.
تقرير الأمم المتحدة المذكور اعتمد على نفي مسئولين في حكومة باكستان أن تكون الغارات التي تشنها الطائرات الأمريكية من دون طيار تتم بموافقة الحكومة، وتأكيدات لمسئولين آخرين على جاهزية الحكومة الباكستانية لمواجهة القاعدة دون تدخل خارجي.
أنا على يقين بأن اللجنة التي زارت باكستان للتحقيق في عمل طائرات أمريكا من دون طيار ستخرج بحكم مغاير تماما لو أنها زارت اليمن للمهمة ذاتها، لأنها لن تجد من يعترض على هذه الغارات، بل ستجد من يرحب بها.
فلو عدنا قليلا إلى الوراء، إلى عام 2011م، وهو العام الذي قامت فيه ما سُميت "ثورة الشباب"، سنجد القيادي الإصلاحي عبدالرحمن بافضل يبدي استعداده لفتح الأجواء اليمنية من المهرة إلى صعدة لطائرات أمريكا وفرنسا كي "تدق القاعدة في اليمن".
في عام 2012م قال السفير الأمريكي لدى صنعاء، جيرالد فايرستاين، إنه كان يلتقي بقادة حزب الإصلاح طوال فترة الثورة وإنهم يشاركون بلده وجهة النظر في قضية الحرب على الإرهاب. لهذا السبب لم تكن أياً من وسائل حزب الإصلاح الإعلامية تتحدث عن الغارات الأمريكية، بل إنها دجنت الشعب لذلك، حين ظلت طوال فترة الأزمة تربط التنظيم بالنظام، حتى أصبحت غارات أمريكا جزءا من ثورة الشباب، لأنها، في نظر الناس، ضد من هم أداة بيد النظام لعرقلة الثورة.
وحين قتلت الطائرات الأمريكية الطفل عبدالرحمن العولقي بمحافظة شبوة في منتصف أكتوبر 2011م، سارع موقع "الصحوة نت" الإصلاحي إلى نشر معلومات تقول إن عبدالرحمن كان من أعضاء القاعدة النشطين وإن عمره تجاوز العشرين، لكن عبدالرحمن لم يكن من أعضاء القاعدة، النشطين أو غير النشطين، وعمره لم يتجاوز الستة عشر عاما، أما معلومات موقع الصحوة فيؤكد الدكتور ناصر العولقي، جد عبدالرحمن، أن الموقع حصل عليها من السفارة الأمريكية التي كان غرضها تبرير الجريمة.
وحين اتصلتُ بالقيادي الإصلاحي محمد قحطان ليعلق على الجريمة، رفض الإدلاء بأي تصريح، رغم أنه كان أول المدينين لاغتيال المدرس الأمريكي في تعز، ووصف الحادث بالعمل الإرهابي الجبان، دون أن يتصل به أحد طبعا.
إذن.. كيف سيعترف الخارج بسيادة هذا البلد إن وجد في الداخل من يفرطون بها على هذا النحو؟